فصاح السائل: يرحمك الله يا أبا محمد، كيف يأتي أن تكون المرأة الحسناء رخيصة المهر، وحسنها هو يغليها على الناس؛ تكثر رغبتهم فيها فيتنافسون عليها؟
قال الشيخ: انظر كيف قلت. أهم يسامون في بهيمة لا تعقل، وليس لها من أمرها شيء إلا أنها بضاعة من مطامع صاحبها يغليها على مطامع الناس؟ إنما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم إن خير النساء من كانت على جمال وجهها، في أخلاق كجمال وجهها؛ وكان عقلها جمالاً ثالثاً؛ فهذا إن أصابت الرجل الكفء، يسرت عليه ثم يسرت؛ إذ تعتبر نفسها إنساناً يريد إنساناً لا متاعاً شارياً، فهذه لا يكون رخص القيمة في مهرها، إلا دليلاً على ارتفاع القيمة في عقلها ودينها؛ أما الحمقاء فجمالها يأبى إلا مضاعفة الثمن لحسنها، أي لحمقها؛ وهي بهذا المعنى من شرار النساء، وليست من خيارهن ولقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض نسائه على عشرة دراهم وأثاث البيت، وكان الأثاث: رحى يد، وجرة الماء ووسادة من أدم حشوها ليف. وأولم على بعض نسائه من شعير، وعلى أخرى بمدين من تمر ومدين سويق وما كان به صلى الله عليه وسلم الفقر ولكنه يشرع بسنته ليعلم الناس من عمله أن المرأة للرجل نفي لنفس لا متاع لشاربه والمتاع يقوم عند المرأة بما يكون منه؛ فمهرها الصحيح ليس هذا الذي تأخذه قبل ان تحمل إلى داره ولكنه الذي تجده منه بعد أن تحمل إلى داره؛ مهرها معاملتها، تأخذ منه يوماً فيوماً، فلا تزال بذلك عروساً على نفس رجلها ما دامت في معاشرته أما ذلك الصداق من الذهب والفضة فهو صداق العروس الداخلة على الجسم لا على النفس؛ أفلا تراه كالجسم يهلك ويبلى أفلا ترى هذه الغالية - إن لم تجد النفس - قد تكون عروس اليوم ومطلقة الغد؟!
وما الصداق في قليلة وكثيرة إلا كالإيماء إلى الرجولة وقدرتها، فهو إيماء ولكن الرجل قبل، ولكن الرجل قبل. إن كل امرئ يستطيع أن يحمل سيفاً والسيف إيماء إلى القوة غير انه ليس كل ذووي السيوف سواء وقد يحمل الجبان في كل يد سيفاً ويملك في داره مائة سيف؛ فهو إيماء ولكن البطل قبل، ولكن البطل قبل.
مائة سيف يمهر الجبان بها قوته الخائبة لا تغني قوته شيئاً ولكنها كالتدليس على من كان جباناً مثله ويوشك إن يكون المهر الغالي كالتدليس على الناس وعلى المرأة كي لا تعلم ولا يعلم الناس انه ثمن خيبتها؛ فلو عقلت المرأة لباهت النساء بيسر مهرها فإنها بذلك تكون قد