تركت عقلها يعمل عمله، وكفت حماقتها أن تفسد عليه فصاح رجل في المجلس: أيها الشيخ، أفي هذا من دليل أو أثر؟
قال الشيخ: نعم؛ أما من كتاب الله فقد قال الله تعالى (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها) فهي زوجة حين تجده هو لا حين تجد ماله وهي زوجه حين تتممه لا حين تنقصه؛ وحين تلائمه لا حين تختلف عليه: فمصلحة المرأة زوجة ما يجعلها من زوجها، فيكونان معاً كالنفس الواحدة، على ما ترى للعضو من جسمه، يريد من جسمه الحياة لا غيرها.
وأما من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روينا (إذا أتاكم مَنْ تَرضَوْن دِينَهُ وأمانته فزوجوه. إلاَّ تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفساد كبير).
فقد اشترط الدين، على أن يكون مرضياً لا أي ذلك كان ثم اشترط الأمانة وهي مظهر الدين كله بجمع حسناته؛ وأيسرها أن يكون الرجل للمرأة أميناً وعلى حقوقها أميناً، وفي معاملتها أميناً، فلا يبخسها، ولا يعنتها، ولا يسيء إليها لأن كل ذلك ثلم في أمانته. فإن ردت المرأة من هذه حاله وصفته من اجل المهر - تقدم إليها بالمهر من ليست هذه حاله وصفته، فوقعت لفتنة، وفسدت المرأة بالرجل، وفسد هو بها، وفسد النسل بهما جميع، وأهمل من لا يملك وتعنست من لا تجد ويرجع المهر الذي هو سبب الزواج سبباً في منعه، ويتقارب النساء والرجال على رغم المهر والدين والأمانة؛ فيقع معنى الزواج ويبقى المعطل منه هو اللفظ والشرع.
هل علمت المرأة إنها لا تدخل بيت رجلها إلا لتجاهد فيه جهادها، وتبلو فيه بلاءها، وهل يقوم مال الدنيا بحقها فيما تعمل وما تجاهد؛ وهي أم الحياة ومنشئتها وحافظتها. فأين يكون موضع المال ومكان التفرقة في كثيره وقليله، والمال كله دون حقها؟.
ولن يتفاوت الناس بالمال تختلف درجاتهم به وتكون مراتبهم على مقداره، تكثر به مرة وتقل مرة - إلا إذا فسد الزمان، وبطلت قضية العقل، وتعطل موجب الشرع، وأصبحت السجايا تتحول، يملكها من يملك المال، ويخسرها من يخسره؛ فيكون الدين على النفوس كالدخيل المزاحم لموضعه، والمتدلى في غير حقه؛ وبهذا يرجع باطل الغي ديناً يتعامل الناس عليه، ودينُ الفقير بَهَرجْاً لا يروج عند أحد. وليس هذا من ديننا دينِ النفس والخلُق، وإن ألف بعير يٍقنوها الرجل خالصة عليه ثابتةً له لا تزيد في منزلة دينه قدر نملةٍ ولا ما