المخرج رغم طبيعتها، فقد جعل الأبطال يتصرفون وفق رغبته في حبك القصة، لا كما تقضي طبائع الأمور؛ فهذه الزوجة القروية الساذجة التي يتبرم بها زوجها ويمعن في احتقارها فلا تدرك تغيره ولا تشعر أن شيئا غير عادي وقع له حتى تفاجئها الحقيقة سافرة - هذه الزوجة نراها قد انقلبت بقدرة المؤلف رقاصة من طراز غربي مرة واحدة! وامتدت هذه القدرة كذلك إلى خادمها الفلاح عبد الموجود (عبد الغني السيد) الذي أحضرته من القرية، فجعلته شابا (مودرن) يغني لها وهي ترقص! وعلى أي أساس اتفقت لولا وعزيزة على تلك الحيلة؟ وكيف رضت الأولى وهي التي تعمل على استخلاص الزوج لنفسها؟ لأن عزيزة هددتها بالمسدس! كان يكفي أن تتخلى الرقاصة عن الزوج إزاء تهديد الزوجة، ولكن قدرة المؤلف المخرج فوق الطبيعة، فقد أبت إلا أن تجعلها تدبر لها لتعيد إليها زوجها. . . ولم يتعذر على المخرج أن يجعل الزوج لا يعرف زوجته وهي في دور الراقصة؛ فحسبه أن يضع على عينيها عصابة سوداء تشبه النظارة، وتتسرب القدرة الفائقة إلى عقل الزوج فتجعله - وهو الذكي المثقف - تخفى عليه شخصية زوجته لأنها لبست حلة الرقص ووضعت على عينيها منظاراً أسود!
وقد رأينا الدكتور عادل يقع سريعا في حب لولا الرقاصة مع أنه ظهر في البدء مستقيما مجدا في عمله، دون أن يتنبه ضميره فيتردد ولو قليلا فيكون هناك شيء من الصراع النفسي، ولكن الجهد منصرف بسرعة إلى مواقف الرقص فليس هناك وقت لمثل هذا التحليل.
وكان ظاهراً أن الغاية من مناظر القرويين الإضحاك بالمفارقات بين أوضاع المدينة والقرية، وما في ذلك بأس على أن يكون في حدود المعقول، ومن المقبول في ذلك منظر العريس وبيده كرنبة يأكل أوراقها ويقشر رأسها في حفلة الزفاف؛ ولكن هناك مناظر بولغ فيها إلى درجة غير مقبولة، مثل منظر عزيزة بنت العمدة وزوجة الدكتور تهبط من سيارة عامة فيحملها أحد الفلاحين ويركبها حمارا ثم يبلغ بها الحمار إلى حيث اصطف لاستقبالها تلاميذ المدرسة الإلزامية بقيادة الناظر في شكل مزر، ولست أدري أين يقع مثل هذا! ومما لا يقع أيضا أن ترقص بنت العمدة شبه عارية أمام الرجال في عرس قريبها إلا أن تكون هاجر حمدي ويكون هناك مخرج يحرص على تهيئة مواقف ترقص فيها. . . وقد تكررت