أما آثاره العلمية فعدد ضخم؛ يدلنا على ما امتاز به وقت هذا الرجل، من امتلاء بالتأليف والتصنيف؛ ورويت عنه مصنفاته وهو حي؛ وذاع بها اسمه وانتشر في أرجاء العالم الإسلامي. ويمكن تقسيمها ثلاثة أقسام بحسب، موضوعها فأغلبها مجموعات حديث ثم كتب في التاريخ. فكتاب في علم الكلام. وآخر في الأدب.
وتتألف كتبه في الحديث من مجموعات اختارها أو رواها: فله أحاديث رواها مثلاً عن جماعة من كفر سوسية، وأخرى عن جماعة من أهل حرستا. كما أنه وضع كتاباً جمع فيه بين سنن أبي داود، وجامع الترمذي والنسائي. ودعاه الإشراف على معرفة الأطراف. وكتاباً جمع فيه ما اتفق عليه شيوخ الأئمة الثقات.
وله كتب تتناول أحاديث ذات غرض واحد، مثل كتابه المستقصي في فضائل المسجد الأقصى. الذي اشتمل على ما جاء من الحديث في بيت المقدس. وكتابه فضل عاشوراء. وفضائل مقام إبراهيم، وتبيين الامتنان بالأمر بالاختتان.
أو ذات صفة خاصة كالأحاديث الخماسية الاسناد، أو السداسية أو السباعية. أو المسلسلات وقد جمعها في عشرة أجزاء.
وله أعمال في الحديث ضخمة. كما جمع عدة أنواع من الأربعينات، فاقتدى بالسلفي فيما جمعه من أربعين حديثاً سمعها في أربعين بلداً، نقلها عن أربعين شيخاً وزاد على ما أتى به من الغرابة بأن جعلها عن أربعين من الصحابة كما جمع أربعين حديثاً في الجهاد، دفعه إلى جمعها بلا ريب هذا الصراع العنيف بين المسلمين والصليبيين في عهده، وجمع أربعين حديثاً من الطوال، وأربعين في المساواة، وروى في أجزاء معينة الأحاديث التي رواها صحابي بعينه. وله كتاب كشف المغطى في فضل الموطأ.
أما كتبه التاريخية فأشهرها تاريخ مدينة دمشق، في ثمانين مجلداً، وهو من أعظم المفاخر في التاريخ، وضعه على نسق تاريخ بغداد لأبي بكر الخطيب، وأورد فيه تراجم الأعيان، والرواة، والمحدثين والحفاظ، وسائر أهل السياسة والعلم من صدر الإسلام إلى أيامه ممن سكن دمشق، أو نزلها، قال ابن عساكر في مقدمة كتابه: وهو كتاب يشتمل على ذكر من حلها من أماثل البرية، أو أجتاز بها أو بأعمالها من ذوي الفضل والمزية، من أساتها