للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأعداء هاربين وقد انكسرت قوتهم، وأزيل الحصار الذي لزم لإقامته سبعة أشهر في ثمانية أيام؛ وأصبحت جان دومرمي بطلة أورليان.

أذيعت أخبار هذا النصر في كافة أرجاء فرنسا، وكانت لغرابتها غير مصدقة بل قوبلت في البلاط بنوع من الخوف والريبة. ولما طلبت جان إلى ولي العهد أن يتبع الانتصار بالسير إلى ريمس أجاب بأن في الوقت متسعاً لهذا فردت عليه قائلة: تنبأت أني (سوف لا أعيش غير سنة واحدة فأستغل وجودي) ولقد صدقت النبوءة فإنها لم تعش غير عام واحد وأي عام!! ففي طريقها إلى ريمس سلمت مدينة تروس بمجرد ظهورها أمام أبوابها ثم سقطت شالون. ولما كانت هذه المدينة لا تبعد إلا قليلاً عن دومرمي سار إليها جيرانها ليتأكدوا من صحة كل ما سمعوه عن عذرائهم.

ولم تستمر الغزوة أكثر من ستة أسابيع امتاز كل يوم فيها بالنصر المبين، وركب شارل إلى ريميس حيث توج ملكاً في كنيستها، رمز فرنسا الروحي - وركعت جان المنصورة أمامه صائحة وعيناها مغرورقتان بالدموع: (لقد تم ما أراده الله).

ولو قدر لقصتها أن تنتهي إلى هذا الحد؟ ولكن القدر فرض عليها أن لا تكون خاتمة بطولتها في كنيسة ريمس بل في كنيسة روان بعد سلسلة أثيمة من الغدر والهزيمة والفزع إذ حكم عليها بالموت الشنيع. وتفصيل الخبر أن جان قررت العودة إلى قريتها وفي يدها المكافأة الوحيدة التي طلبتها وهي إعفاء قريتها من الضرائب ولا تجد سجلات ضرائب مدن وقرى فرنسا أمام قرية دومرمي إثباتاً لدفع الضرائب مدة ثلاثمائة وستين سنة.

إذن نجحت جان في عملها. وحركت نشوة النصر في نفوس قواد الجيش رغبة في التوغل. وترددت جان لأول مرة منذ خروجها من قريتها في قبول هذه الرغبة وتهيبت التوغل المطلوب فلقد أتمت ما أملاه عليها وحيها وهو لا يطرق صوته أذنها الآن، إلا أنها واصلت الغزوات معتزمة تخليص باريس. وسلمت لها سواسون وكذلك شاتوفيري. ومن الغريب المدهش أن الملك شارل الخبيث الذي قامت جان بهذه الأعمال من أجله عقد اتفاقاً سرياً مع أعدائه خان فيه جيشه؛ ففي الوقت الذي كاد يتم فيه تخليص باريس استدعى قواده وترك جان وحيدة في غير معين.

حتى هذه اللحظة لم يستطع أعداء فرنسا هزيمة جان إلا إن إهمال الملك إياها غير من

<<  <  ج:
ص:  >  >>