ولم يبق من البلاد التي اجتاحها إلا ما تبقى النيران من الهشيم، والسيول الطائحة من الجحيم.
في أرباص حمص:
وتحرك المصريون إلى بلاد الشام ليحموها من الطغاة الطارئين، ومرت الجيوش المصرية على دمشق، متجهة صوب الشمال، وابتهل الناس لها بالدعاء، والتقى الجمعان قرب حمص، وحمل المصريون على التتار حملة صادقة، فقتلوا منهم نحو خمسة آلاف دون أن يقتل منهم إلا قليل. وفكر التتار في الفرار، وزلزلو زلزالا شديداً.
بعد أن لاح النصر:
ما أعجب شان الحروب، وما أكثر التشابه بين حوادث التاريخ، وما أشبه واقعة حمص بغزوة أحد، فإن المصريين بعد أن لاح لهم النصر، ابتلوا بتخاذل مفاجئ، (واتكل بعضهم على بعض. . فانهزمت الميمنة أولا ثم تبعها جميع العساكر، أمعنوا في الهزيمة، حتى رمى الجند خوذهم وسلاحهم. . . واخذوا يغيرون ازيائهم، ويحلقون شعورهم تنكراً من العامة الذين كانوا يوبخونهم ويشتمونهم كلما مروا عليهم منهزمين أمام التتار)
أحزان دمشق:
بلغت كسرت المصريين دمشق (فخرجت المخدرات حاسرات لا يعرفن أين يذهبن، وأطفالهن بأيديهن، ومن استطاع النجاة بنفسه، فر تاركاً أهله وولده. وتشاور جماعة من عظمائها في الخروج إلى التتار طلباً للصلح قبل أن يدخلوا دمشق عنوة، وكان ممن يرى هذا الرأي، قاضي القضاة ابن جماعة، وشيخ الإسلام ابن تيميه ثم وصل خمسة من كبار التتار إلى دمشق ومعهم فرمان بالأمان، قرء على باب الجامع الأموي، فاطمأن الناس، وسكت عنهم الفزع، وزاح الهلع، وانتظروا الغيث من هذا البزق الخلب.
إذا دخلوا قرية:
تدفقت جموع التتار على دمشق يتقدمها الخونة الثلاثة واستسلم لهم بلد عز عليهم أيام الظاهر بيبرس مناطه، فهل وفى الملوك بعهدهم؟ وهل أغنى الفرمان عن الدمشقين شيئا؟ إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة. وكذلك فعل التتار، وهم أولى