الأستاذية من هذه الحياة - خصوصاً الكتاب الذي بيد أيدينا. وذلك لما تحمل هذه الكتب من أسماء تظن بها أن تجعل أرسطو من أصحابها في موقف الأب أو الأستاذ - من ناحية، ومن ناحية أُخرى لرسوخ قلمه وثبات فكره فيما يتعلق بدراستها، فإن حياة أرسطو يمتدُّ الطلب فيها (طلب العلم) حتى الثمانة والثلاثين، والرحلة والسفر وتثقيف الاسكندر حتى الخمسين، ثم يأتي دور اللوقيون والأستاذية والتأليف حتى الثالثة والستين، كما تجدون من تصفح تاريخ حياته.
أما موضع مصادر الأخلاق الارسطية بقية كتبه ولوحة مؤلفاته، فيأتي - حسب تصنيف أندرونيقوس الردوسي لجملة كتابات أرسطو - في المجموعة الرابعة، إذ تشمل المجموعة الأولى الكتب المنطقية بوصف المنطق مدخل العلوم ومقدمتها، أو الإبساغوجى كما يسميه مناطق العرب؛ وبوصفه علم العقل أو الآلة أو الأورغانون كما يقول أرسطو نفسه. ولابد من تقديم العلم الذي يفحص الأداة الفكرية قبل فحص الأفكار التي تمخضت عنها هذه الأداة ذاتها؛ ثم تأتي في المقام الثاني كتب الطبيعة، ومنها طبيعيات كبرى تبحث المبادئ العامة المشتركة في جميع الأشياء والطبائع؛ وطبيعيات صغرى تعرض لدراسة أمور جزئية بعينها، والمجموعة الثالثة يسميها الشارح ما بعد الطبيعة: أي التي تأتي في الدور والترتيب بعد كتب الطبيعة وسماها البعض ما وراء الطبيعة، باعتبار ما تعرض له من أمور لا تمت إلى الطبيعة ولا إلى الحس بسبب، بل هي إلى الأمور الكلية المجردة والمبدأ الأول وعلة العلل أقرب والحرف في أسم هذا العلم يحتمل التأويلين. وعلى كل حال فإن فلاسفة العرب يسمون هذا العلم الفلسفة الأولى أو العلم الإلهي.
وبعد هذه العلوم النظرية بأقسامها الثلاثة تأتي العلوم العلمية والفنية؛ فالمجموعة الرابعة مختصة بكتب الأخلاق وكتب السياسة والخامسة خاصة بكتب الأدب والشعر والفن. فإن أرسطو قد كتب حتى في هذه الشئون، وما تدرس في تاريخآداب اللغات من أقسام القصة وأنواع الشعر والخطابة وغيرها أنت مدين به لأرسطو - هذا المارد الجبار الذي بم يدع علماً ولا فناً إلا سبق في الكتابة فيه؛ والذي يعيش الفكر الإنساني عالة عليه مهما جدد أو تقدم.
ولن يعسر عليك - بعد إذ وقفت على تصنيف كتب أرسطو أن تبين موضع الأخلاق في