للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شباب قصير متعثر بالآلام العقلية والجسدية. فلو نشط متحمس واحد لشعره، واتصل بمن كان يعرفه لأنقذ ما تبقى من ذكريات عنه وبما فاز ببضع عشرة رسالة من رسائله يتحف بها القراء المتعطشين، ويرفع تهمة الكسل عن هذا العصر. . . فمن المخجل أن يكون كل ما نسلمه إلى الأجيال القادمة عن أبي القاسم الشابي حفنة من القصائد البديعة!

أيها المعاصرون! لقد آن لنا أن نفيق من نومنا الطويل، وندرك ما علينا من المسئوليات

(إنسان)

بغداد

الوعد الحق للدكتور طه حسين بك

لقد تفرد الدكتور طه حسين بك بهذا الأسلوب القصصي في عرض حياة هؤلاء الأرقاء. وأعطانا صورة رائعة من الجو النفسي والاجتماعي في مكة في فجر الإسلام. وما تعرضوا له من ألوان البلاء. وضروب الإيذاء في صبر، وجلد، وشجاعة، ما تركهم نماذج فريدة في سجل التضحية والفداء. ولقد عرض الدكتور هذه الصورة قوية، حية. مؤثرة. مثيرة. . . ولكن لا حاجة إلى إطراء فن الدكتور في هذا العرض ومقدار ما يبلغه من إشاعة الحياة في صوره. وتأثيرها. ولا إلى القول بأنها لون جديد في أدبنا الحديث نعتز به. بل خير للناقد من هذا أن يأخذ بيد القارئ حتى يبلغ به أعتاب هذا المعرض ويخلي بينه وبين طرائقه وبدائعه حتى يتهيأ له أن يأخذ لروحه وعقله ما فيه الغناء. أنظر كيف يصور الدكتور ما قاسته أسرة ياسر، من شدائد وأهوال، وكيف صبت عليها المحن صبا فلم يتزعزع إيمانها. ولا خانها صبرها. ولا تخلى عنها جلدها. ولا فقدت أمهلا في الله: (. . . أقبل أبو جهل ومعه أصحابه. فرأى الناس أنطاعاً من أدم يسع كل نطع منها رجلا وقد ملئت ماء. ورأوا ناراً مؤججة. ومكاوي قد أغمي عليها. ورأت تلك الأسرة قد شد وثاق كل منها. وألقى ثلاثتهم في جنب من الطريق كما يلقى المتاع غير ذي الخطر. فلما بلغ أبو جهل وأصحابه مكان العذاب أمر غلمانه فوضعوا بين يديه ياسراً. وزوجته. سمية وابنه عماراً. . . وألسنتهم لا تفتر عن ذكر الله. فألهب أجسامهم بالسياط ثم أذاقها مس النار ثم صب عليها قرب الماء ثم عاد فيهم سيرته مرة ومرة ثم أمر بهم فغطوا في الأنطاع التي ملئت ماء حتى

<<  <  ج:
ص:  >  >>