وتهالكت متكئة على مصارعي الباب ثم تشبثت به بذراعها الخالية، وكاد عقلها أن يعصف بها ولكن سرعان ما خفت الصوت وتلاشى، وظلت دقات المترونوم تتعالى. ومع ذلك شعرت ببعض الراحة عندما استمعت إلى صوته يطغى على أي صوت آخر ووقفت بعض لحظات تشد أزر نفسها. ثم شددت قبضتها على المصباح، وسارت في بطء على طول الرواق. وعندما اقتربت من قمة الدرج أحاطت أنبوبة الضوء الصغيرة للمصباح بيدها الأخرى حتى لا يراها من يكون هناك تحت. ونزلت الدرج في حذر خشية أن يصر فيكشف وجودها.
لم يكن هناك أحد بالبهو، بيد أنها سمعت صوتاً مقبلاً من المكتبة. ودفعت الباب في هدوء فانفتح، إذا بدقات المترونوم تبعث وتكتنفها وتغمرها. ولم تستطيع أن تميز ما في الحجرة إلا بعد أن تقدمت بضع خطوات. وإذا بعينيها تلتقيان بشبح صغير مبهم جاثم بجوار الحائط أمامها. ثم أخذ ذلك الشيء يحوم ويحدق في الرياش ويتطلع إلى أرفف الكتب. واستمعت إلى حركة يدين خفيتين تعبثان في الأركان - أنه جيمي يبحث عن مترونومه.
وظلت دون حراك وقد تهدجت أنفاسها رعباً من رؤية جيمي الميت، جيمي الذي شاهدته يدفن في ذلك الصباح. ولم ينحها عن السقوط في حالة من الإغماء سوى قوة إرادتها.
وأقبل طيف الطفل. أقبل صوبها؛ ثم مر خلالها؛ يبحث، وينقب، في كل ركن يحتمل أن يكون المترونوم مختبئاً فيه وظل يدور حولها. وفي مجهود فائق وجدت صوتها، فهمست في صوت أجش: اذهب، أواه، اذهب بيد أن. الطفل لم يبد أن سمع كلماتها، فقد ظل يوالي بحثه ويطوف في نفس الأنحاء التي كان قد طرقها من قبل عدة مرات. كانت الدقات اللحوحة للمترونوم لا تزال ترتفع وكأنها طرقات المطرقة تتجاوب في أرجاء الحجرة وانزلقت يدها في عصبة مبتعدة عن أنبوبة للضوء عندما مر الطفل بجوارها فشاهدت وجهه، وعينيه تفيضان شرا، وقد فارقتها وداعتهما السابقة، وفمه الغاضب ويديه المنقبضتين.
وفي رعب جارف، استدارت لتفر منه، بيد أن الباب استعصى عليها فتحه، وبعد ثلاث