للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومضه (المغنسيوم) التي تهتك حجب الظلام في كل زاوية من زواياه. . . وهما عنصران أو قل إنهما ملكتان من ألزم الملكات في مثل هذا اللون من الشعر، تقوم إحداهما مقام آلة التصوير وهي ملكة المراقبة الحسية، وتقوم الأخرى مقام آلة الإضاءة وهي ملكة المراقبة النفسية، إذ لا بد في هذا اللون من الشعر من تلك المرحلة التي تمثل عملية (الرتوش النفسية) الخاصة، وكلتا المرحلتين تهيئ للمشهد المنقول تلك القوة الآلية المستمدة من سطوح الحياة الجامدة، وتلك القوة الإشعاعية المستوحاة من أعماق الذات الشاعرة!

وكما تشرف الملكة الأولى على المجالات الحسية المنبثة في زوايا الطاقة البصرية، تشرف الملكة الثانية على المجالات النفسية الكامنة في ثنايا الطاقة الشعورية، وهاتان هما دائرتا الاختصاص الفني لكلتا الملكتين. . . ولكن لابد من التداخل والتشابك في مرحلة التعاون المشترك الذي ينتج عنه التقاء الحركات الخارجية بالحركات الداخلية، أعني لابد من أن تقترب الدائرتان حتى تندمج إحداهما في الأخرى ذلك الاندماج الذي تستحيل معه المعالم الجزئية في الصورة إلى معالم كلية، أي أننا يجب أن نحس وحدة المشهد الحسية والنفسية كلا لا يتجزأ في مقياس الفن ومقياس الشعور!

وإذا كانت ملكة (الوعي الشعري) هي العنصر المسئول عن تنظيم كل حقيقة كونية يعرضها الفكر في ساحة الوجود الداخلي، وكان ضعفها يعرض القضية الفكرية لنوع من الاضطراب تنتج عنه المغالطة المقصودة أو غير المقصودة في مجال المواءمة بين الحقائق في دائرة الواقع النفسي أو دائرة الواقع الوجودي، وإذا كانت ملكة (الرؤية الشعرية) هي العنصر المسئول عن استشفاف كل حقيقة عامة في حدود المنظور أو خلف حدود المنظور، في محيط الوعي أو فيما وراء الوعي، في ضعفها يعرض الصورة للاهتزاز الذي ينتج عنه تعذر بالمطابقة بين حقيقتها في إطار الفن وحقيقتها في إطار الحياة، فإن ملكة (المراقبة الحسية) مندمجة في ملكة (المراقبة النفسية) هي العنصر المسئول عن تنظيم الحركة المادية حين تتلوها الحركة الوجدانية في سبيل خلق تلك الوحدة التي لا تتجزأ من كلتا الحركتين. . . أما ضعفها فلا تنتج عنه الصورة الوصفية (المهزوزة) كما هو الحال في ضعف الرؤية الشعرية، وإنما تنتج عنه الصورة الوصفية (الباهتة)، وفرق بين ضعف ملكة لا يشمل الخطوط هنا وإنما يشمل (الرتوش الخارجية) فتبدو وهي باهتة الظلال حائلة

<<  <  ج:
ص:  >  >>