للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ليس فيه مجال للطاقة الأدبية، وهو مع ذلك لم يتقدم، اذكروا كاتباً ممن تقرؤون لهم الآن وتعجبون بهم: هل هذا الكاتب من إنتاج الزمن الماضي أو الحاضر، فالعبرة بالمنتجين لا بالإنتاج.

وهذه تأتي مناظرة في هذا الموسم أرى فيها الدكتور عوض بك في الجانب الضعيف مضحيا بنفسه. . . وقد يستحق الثناء على هذه (التضحية) ولكني ألاحظ أنه لا يبذل مجهوداً يذكر في تقوية هذا الجانب، بل هو يزيده ضعفاً بالتفكه والدعابة في غير صالح جانبه، فيبدو ظريفاً كما يبدو موضوعه ضعيفا. وأظن أن مما يحفظ التوازن في المناظرات أن يتوخي في اختيار المعارض أن يكون لديه باعث المحامي الذي يحرص على أن يظهر كفايته في القضية التي يتصدى للدفاع فيها عن جانب يحتاج إلى مجهود.

ثم نهض الدكتور طه حسين بك، وكان يبدو متعبا، وكان هذا طبيعياً لعنائه فيما لا بس ابتداء عهد الوزارة في ذلك اليوم، ولكنه مع ذلك تحدث حديثاً طيباً ممتعاً كعادته، قال إن وجود عوض نفسه ينقض ما قاله، لأنه حديث وليس ممن أنضجهم العصر الأول، فهل هو ينكر نفسه؟ إذا كان يفعل فنحن لا نوافق لأننا نقر له ما يعجبنا؛ وقد مضى الوقت الذي كان يؤرخ بالحوادث والمهمات وإن شوقي بعد عودته من أسبانيا واستلهامه صور جديدة جعل الشعر العربي لغة للتمثيل، وهذا من ثمرات ربع القرن الأخير. إننا نجد في هذه الفترة جديداً لم يكن، نجد تيمور وتوفيق الحكيم، ونجد كثيراً من الأدباء المعاصرين الذين يشغلون حياتنا الأدبية وهم من إنتاج الفترة الأخيرة. وقد نضجنا حقاً كما قال الدكتور أحمد أمين وتطورت أنواع إنتاجنا. كانت حياتنا محدودة الآفاق مفقودة الحرية. ولا أقصد الحرية الخارجية عن الإرادة من ضغط ورقابة وتقييد، بل أقصد حرية العقل حين تتسع آفاقه فلا يخشى من نفسه حين يفكر فيما يريد وقد شذ عن مقتضيات البيئة أمثال البارودي وشوقي وحافظ

ثم قال الدكتور طه: هذا كله شيء والرضا عن الأدب الحالي شيء آخر، فالحياة الأدبية أخص ما يميزها أنها لا ترضى عن نفسها وليس أخطر على الأدب والفن من الرضا، فإذا نظرنا إلى الآماد

التي أمامنا لا ترضى عن أدبنا، ولكني أرضى لأننا في الطريق وإن كنت لا أقنع بالأدب

<<  <  ج:
ص:  >  >>