للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الأمر قد فعله قازان حيلة ودهاء فنخلف لك أننا لا نطلع على هذا القول أحداً من خلق الله تعالي، ورغبوه غاية الرغبة، فحلف لهم أنه لا يعلم من قازان إلا صدق النية في الصلح، وحقن الدماء، ورواج التجارة، وإصلاح الرعية ثم قال لهم (لله دره)؛ ما كان نصحه للإسلام والمسلمين: - (والمصلحة أنكم تبقون على ما أنتم عليه من الاهتمام بعدوكم، وأن تخرجوا كعادتكم إلى أطراف بلادكم مما يلي مملكة التتار، فإن كان هذا الأمر خديعة كنتم مستيقظين، وإن كان الأمر صحيحاً أتممتم الصلح، وتحقن الدماء فيما بينكم).

مؤتمر في صحراء الشرقية:

أمر السلطان جميع الأمراء أن يخرجوا في صحبته للصيد في برية الشرقية، ثم استدعى وهو في البرية قضاة المذاهب الأربعة، وتم الاتفاق على ما يجيبون به قازان، وجهز رسل التتار إلى الصالحية، وانتظر السلطان بها (فلما حضر وأمامه الأمراء، ذهلت عقول الرسل مما رأوا من حسن زي عسكر الديار المصرية بخلاف زي التتار) ولما سجي الليل أوقد السلطان شموعاً كثيرة، ومشاعل عديدة وفوانيس وأشياء كثيرة تتجاوز عن الحد جعلت البرية حمراء تتلهب نوراً وناراً. . . وبعد حديث ساعة أعطوا جواب الكتاب إلى الرسل، وخلع عليهم السلطان، وأعطى كل واحد منهم عشرة آلاف درهم، وسمح لهم بالسفر.

جواب حمىّ المعىّ:

هذا بعض ما جاء في جواب سلطان مصر على كتاب قازان: (بسم الله الرحمن الرحيم) علمنا ما أشار الملك إليه، وعول في قوله وفعله عليه، فأما قول الملك قد جمعتنا وإياكم كلمة الإسلام. . . فقد تحققنا أن الملك بقي عامين يجمع الجموع، وينتصر بالتابع والمتبوع، وحشد وجمع من كل بلد، واعتضد بالنصارى والكرج والأرمن، واستنجد بكل من ركب فرساً من فصيح وألكن، ثم إنه لما رأى أنه ليس له بجيشنا قبل في المجال، عاد إلى قول الزور والمحال والخديعة والاحتيال، وتظاهر بدين الإسلام واشتهر به في الخاص والعام؛ والباطن بخلاف ذلك،. . . فان الذي جرى الظاهر دمشق، ليس فعل المسلمين ولا من هو متمسك بهذا الدين، وإن كان ما حصل عن علمك ورضاك، فوا خيبتك في دنياك وأخزاك، وإن كنت كما زعمت على دين الإسلام فاقتل الطوامين الذين فعلوا هذه الفعال، لنعلم أنك

<<  <  ج:
ص:  >  >>