على بيضاء المحجة. . . ولما علمت جيوشنا أنكم استعنتم على قتلهم بعبدة الصلبان اجتمعوا وتأهبوا وخرجوا بعزمات محمدية، وقلوب بدرية، وجدوا السير في البلاد، ليشفوا منكم غليل الصدور، فما وسع جيشكم إلا الفرار، وما كان لهم على اللقاء صبر ولا قرار. . . وأما ما تحمله قاضي القضاة من المشافهة فأنا سمعناه وعيناه، ونحن نعلم علمه ونسكه ودينه وفضله المشهور، وزهده في دار الغرور؛ ولكن قاضي القضاة غريب عنكم، بعيد منكم، لم يطلع على بواطن قضاياكم وأموركم ولا يظهر له خفي مستوركم.
وأما ما طلبه الملك من الهدية فلسنا نبخل عليه، وإنما الواجب أن يُهدى أول من استهدى، لتقابل هديته بأضعافها ونتحقق صدق نيته، وإخلاص سريرته، ونفعل ما يكون فيه رضا الله عز وجل، ورضا رسوله في الدنيا والآخرة. . . والله تعالى الموفق للصواب).
كشف عن الصريح:
بعد نحو شهر من رسول الرسل إلى قازان، علم سلطان مصر بأن التتار بدءوا يتحركون إلى الشام، وأن بولاي قائدهم قارب الفرات، وبعد قليل بلغهم أن التتار حركوا نصارى آسيا الصغرى للهجوم معهم، وكذلك استنجدوا بالفرج فنزلوا بجزيرة أرواد تجاه طرابلس الشام، وأخذوا يستولون على المراكب الإسلامية، فأرسل سلطان مصر أسطولاً بقيادة الأمير سيف الدين المنصوري إلى جزيرة أرواد، وجيشاً برياً إلى بلاد آسيا الصغرى بقيادة الأمير بكتاش، فانتصر القائدان على الإفرنج والأمن. وعلم السلطان فسر سروراً عظيماً، ثم بعد ذلك بأيام، علموا أن قازان نفسه وصل إلى الفرات وبعث المقدمة إلى بلاد الشام بقيادة قطلو شاه وعدتها ثمانون ألفاً، وكاتب أمراء الشام للدخول في طاعته، فأسرعت قوة خفيفة من مصر إلى دمشق بقيادة بيبرس الجاشنكير ولم تكد تصلها حتى رأوا الناس يفرون أمام التتار من حلب وحماة وغيرهما، فخفت سرية إلى حماة عدتها ألف وخمسمائة فتقابلوا مع جيش تتري قرب حلب عدته أربعة آلاف (فافترق المصريون أربع فرق، وحاصروهم وقاتلوهم قتالاً شديداً حتى أفنوهم)
إلى دمشق:
ثارت ثائرة قطلو شاه لفناء أربعة الآلاف من جيشه فهجم على حماه، واندفعت حاميتها