المصرية أمامه لا تلوى على شيء حتى بلغت دمشق، والتتار في إثرها (فاضطربت دمشق بأهلها، وأخذوا في الرحيل منها على وجوههم، واشتروا الحمار بستمائة درهم والجمل بألف، ولم يأت الليل إلا وبوادر التتار في سائر النواحي بالمدينة، وبات الناس في الجامع الأموي يضجون بالدعاء)
الصبح والسلطان:
طلع صباح اليوم التالي وقد وصل الجيش المصري بقيادة السلطان إلى مرج راهط من ضواحي دمشق وكذلك وصل الجيش الأصلي للتتار، والتقى الجمعان في مكان يقال له شَقْحب في سفح جبل غُباغب من ضواحي دمشق فوقف السلطان في القلب ومعه الخلفية والأمير سلاّر قائد قواد مصر، والأمير بيبرس الجاشنكير الذي سبق السلطان بالمقدمة، وقاد الميمنة الأمير قبجق وانضم إليها العربان، وقاد الميسرة الأمير بكتاش الذي هُزم الأرمن.
يا مجاهدون:
تقدم السلطان بنفسه والخلفية بجانبه ومعهما القراء يتلون القرآن الكريم ويحثون على الجهاد ويشوقون إلى الجنة وصاح الخليفة:(يا مجاهدون لا تنظروا لسلطانكم، قاتلوا عن دين نبيكم صلى الله عليه وسلم عن حريمكم) فبكى الناس بكاء شديداً جزعاً على الإسلام، ولم يكد يتم الخليفة كلامه حتى زحفت كراديس التتار في هجومها الخاطف كقطع الليل، وحملوا على الميمنة المصرية حملة شعواء فقتل أعيانها وولى باقيها الأدبار وفي أثرهم بولاي التتري يقتل ويأسر الفارين.
للسلاماه:
فلما رأى ذلك سلار قائد المسلمين وهو مع السلطان في القلب صاح قائلاً:(هلك والله أهل الإسلام) ثم اندفع بمفرده كالبرق الخاطف نحو التتار فتبعه الأمراء والفرسان من القلب والميسرة وسلم الجميع نفوسهم للموت، واقتحموا التتار إلى قائدهم الأعلى قطلوشاه تاركين بولاي خلفهم يطارد الميمنة المنهزمة، واستمروا في القتال بحمية فائقة حتى لجأ قطلوشاه بمن معه من التتار إلى الجبل وهو يؤمل أن بولاي عند عودته من مطاردة الميمنة المنهزمة سيوقع في المصريين، ولكن راعه أن رأى السهل والوعر يغطيهما العساكر