والدليل على ذلك أنه نشأ عند الفرس نوع من التمثيل لم يتطور إلى المسرحية الكاملة وقد نشأ عن الاحتفال باستشهاد الحسين رضي الله عنه.
ولد المسرح المسيحي إذن من طقوس الدين، وذلك للتأثير في قلوب المؤمنين، فكان القس والرهبان يمثلون بعض مشاهد من حياة المسيح، فيمثلون رفعه ثم يمثلون مولده، وأقدن الوثائق التي تصف لنا هذه المشاهد هي الوثيقة التي تركها الراهب الإنجليزي سانت إنلوولد، فكان القس يضعون إلى جانب المذبح تابوتاً يرمز إلى القبر، ثم يتقدم قسان يحملان صليباً ملفوفا بالقماش يرمزون به إلى المسيح، فيضعانه في التابوت، يتخلل ذلك كله الأناشيد، وأقدم التمثيليات ذات الحوار هي تلك التي كانت تمثل في عيد الفصح، إذ كان يتقدم قسيسان يلبسان مسوحا بيضاء يمثلان ملكين، ثم يلتقيان بآخرين يمثلان امرأتين ويقف الجميع أمام التابوت الفارغ، فيسأل أحد الملكين
- عمن تبحثان في الضريح؟
فتجيب إحدى المرأتين:
- إننا أيها السماويان نبحث عن الذي صلب.
فيرد الملك الثاني:
- لن تجداه هنا، فقد ارتفع إلى السماء كما تنبأ، فاذهبا وأعلنا في كل مكان ذلك؛ أعلنا أنه ارتفع من ضريحه إلى السماء
وهكذا نشأ المسرح المسيحي بهذه التمثيليات الدينية ثم تطورت بعد ذلك إلى مناظر كاملة ضاقت عنها الكنيسة، فخرج التمثيل إلى فناء الكنيسة أو المقبرة، ثم إلى دور البلديات.
ولانحدار التمثيل من صلب العقيدة الدينية نظر الجمهور إلى هذا المسرح نظرة القداسة، وكانوا يؤمون المسارح أو أي مكان يقام فيه التمثيل كما يؤم المؤمن معبداً يؤدي فيه الفريضة لله. وهكذا تأصل حب المسرح في النفوس، حتى أصبح الأوروبيون يرون للمسرح رسالة روحية، وحتى أصبح في نظرهم ضرورة من ألزم ضرورات الحياة.
أما في مصر، فالمسرح نقل إلينا دون أساس قومي أو ديني، نقل إلينا بما ترجم أو أقتبس من الروايات الأوربية، ومثلت هذه الروايات دون أن يراعى فيها في أول الأمر اتفاقها وعقلية المصري وتقاليده، ولهذا ظل المسرح بعيداً عن أفئدة الجمهور، ذلك الجمهور الذي