للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جداول أبعاد النجوم وحركات الكواكب المتحيرة التي تؤلف معظم الكتاب وهي أصعب قسم فيه. ولكي يتمكن من تصحيح ما ارتكبه الناسخ من إخلال وتصحيف أجهد نفسه في تحقيق كل العمليات الحسابية التي بنيت عليها أبعاد النجوم وتثبت من أرقامها المشيرة إلى كل نجم بمفرده. ولم يكتف من علم الهيئة بالنظريات بل اقتفى إثر العرب فأكب على الدرس العلمي جامعا ومتصفحا طائفة كبيرة من النصوص غير المطبوعة التي لم يوفق إليها سواء كما راجع عشرات الترجمات اللاتينية القديمة التي صاغ الأصل العربي المنقولة عنه وأعاد النظر في الأصول اليونانية والفارسية والهندية وكل علوم الأقدمين الذين أخذ عنهم العرب.

وبفضل انكبابه المنقطع النظير وتنقيبه المتواصل تكلل سعيه بالنجاح فأتحف العلم بثلاث مجلدات ضخمة جاءت في ١١٣١ صفحة من القطع الكبير يشتمل الأول منها وهو ثلثها على النص العربي للزيج الصابئي ويليه الجزء الثاني وهو ترجمة لاتينية للنص العربي مع شروح وتعليقات ومقدمة تاريخية تعرف الصابئ وتآليفه ومكانته بين فلكي العرب. أما الثالث فيتضمن ترجمة جداول الكتاب باللغة اللاتينية مع فهارس مهمة ومعجم نفيس للمصطلحات الفلكية وشروح لاتينية للتعابير العربية، وفي نهاية الكتاب فهارس تهدى إلى كل مادة من مواده.

وكان من شان هذا التأليف الذي أنفق المؤلف في وضعه أعواما عديدة أنه ألقى بأبحاثه نورا جديدا على علم الفلك وكشف عما بلغه العرب في شرحه وجلائه وأظهر للملأ مقدرة ناشره العجيبة في العربية وتفوقه في شتى فروعها ومصطلحاتها العلمية القديمة والحديثة، مما أكسبه شهرة واسعة في عالم الاستشراق وأحله الذروة بين علماء الهيئة المعدودين.

ومما زاد في شهرته في هذا المضمار حادث جرى له مع زميله المستشرق السويسري سوتر فقد اطلع على كتاب ألفه هذا وضمنه رأيه في فلكيي العرب فكتب له بشأنه رسالة خاصة جاءت في كراس كامل ضمنه ملحوظاته وتنقيحاته وشروحه وتفاسيره، وبلغ من اهتمام العالم السويسري برسالة زميله الإيطالي أن أجلها لأهميتها التاريخية ونشرها كملحق لكتابه مما كان له أجمل وقع في الأوساط العلمية عادة بالفخر على المستدرك والناشر معا.

من أجل ما تقدم تسلم نالينو أعلى المراتب عند العلماء المحققين وأصبح مرجعا يعتمد عليه في كشف الغوامض وحل الرموز الفلكية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>