بعض كلمات عربية إلى جنب كلمات حميريةقليلة اهتدوا إليها مما عثروا عليه من الآثار، وقد تناول نالينو هذه اللهجات البائدة واثبت معرفته التامة بها في مقال طويل تناول فيه بالنقد والتحليل كتابا أصدره العالم الإيطالي السيد كونني روسيني باللاتينية عنوانه (مجوعة نصوص عربية جنوبية).
وعلاوة على أبحاثه في الكتب كان نالينو يتحف بعض المجلات العربية في مصر والشام بمقالات في اللغة والأدب، منها مقالة نشرتها له مجلة الهلال سنة ١٩١٧ كانت من الجرأة الأدبية والأهمية العلمية بمكان وعنوانها (كيف نشأت اللغة العربية) انتهى فيها إلى الاستنتاجات التالية:
إن اللغة العربية الفصحى هي بلا شك لغة الشعر الجاهلي المدون في كتب السلف. ومزية هذا الشعر أن ما فيه من أوصاف وتشابيه وأفكار ومعان يدل على أن مبتكريه هم الأعراب أهل الوبر، أخذه عنهم الحضر وقلدوه لغة وأسلوبا. ولما كان من الثابت أن معظم آداب الجاهلية انحصرت في القريض لزمنا القول إن العربية الفصحى كانت لهجة من لهجات هاتيك القبائل التي أخذ عنها الشعر والتي شد إليها الرواة فيما بعد الرحال وتلاهم النحاة الذين دونوا أصول اللغة وقواعدها لكي يأخذوا عنها صحة النطق وتقويم اللسان وتفسير الغريب وشواهد النحو، وإذا أمعنا النظر في تاريخ القبائل التي كان لها القدح المعلي في الشعر انتهينا إلى الجزم بأنها كانت القبائل المعدية المنضوية تحت لواء كندة قبل منتصف القرن الخامس. وكانت نهضة الشعر الجاهلي وبلوغه أوج الإجادة في عهد ملوك كندة الذين كانوا امرؤ القيس آخرهم، وقد وتوفي بين ٥٣٠و٥٤٠، وإذن فاللغة الفصحى مردودة إلى إحدى اللهجات النجدية وقد تهذبت في عهد المملكة الكندية ونقلت دون سواها من اللهجات وأصبحت لغة الأدب السائدة وبها نزل القرآن على محمد فأصبح مرجع العرب الديني والسياسي واللغوي.
وفي ثنايا هذا المقال ينفي زعم الكثيرين بأن قريشا كانت أفصح العرب إذ في رأيه أنه لو صح هذا الزعم لأخذ الرواة والنحاة الشعر والنحو عن قريش وأهملوا عرب البادية. ولو كان التنزيل بلغة قريش لاعتمد الشراح أهل مكة في تفسير ما استغلق من غريب القرآن. زد على ذلك أن قريشا لم ينبغ فيها شاعر مشهور ولا خطيب مذكور، فلا شك إذن في أن