إن ديوان (أنفاس محترقة) يعيد إلى الشعر اعتباره بعد أن انصرف كثير من الناس عن قراءته لكثرة هذر الشاعرين، وأنا زعيم بأن هؤلاء المنصرفين، إذا عرض لهم هذا الديوان، لن يستطيعوا عنه مصرفا.
حق المحدثين في الوضع اللغوي
عرض على مؤتمر مجمع فؤاد الأول للغة العربية في جلسته الأخيرة، المقترحات التي انتهى إليها الأستاذ أحمد حسن الزيات في محاضرته التي كان ألقاها في أول انعقاد المؤتمر عن (الوضع اللغوي وحق المحدثين فيه) وقد أتيت من قبل بأهم ما دار من المناقشة بين أعضاء المؤتمر على ثر إلقائها. وقد استأنفت المناقشة في هذه الجلسة الأخيرة، فبدأها الأستاذ الزيات بالرد على ما كان قد أبداه بعض الأعضاء من الملاحظات، بين أن قرارات المجمع السابقة تناول المولد والقياس، فيبقى من المقترحات الأربعة اثنان: فتح باب الوضع للمحدثين، وإطلاق السماع من قيود الزمان والمكان، ثم قال: يخشى صديقي الدكتور أحمد أمين بك أن يكون في فتح باب الوضع على مصراعيه مقتحم للفوضى في اللغة فيكثر الترادف بتعدد الوضع، وقد احتطت أنا لذلك فجعلت الكلمة العليا للمجمع في إقرار الوضع، إذ قلت: فأيما كلمة توضع لا تدخل في متن اللغة قبل أن يسمها بميسمه ويدخلها في معجمه وإذا انتفت الفوضى بقي الحق مطلقا لكل متكلم يريد أن يعبر عن ذات أو معنى لم يوضع له لفظ من قبل. وقد توقعت من اختلاف الرأي في مدى هذا الحق، ومن تزمت قرار المجمع في استعمال المولد، أن لجنة المعجم الوسيط ستغفل ما وضعه المحدثون وما عربوه، فلما قرأت حرف الألف من هذا المعجم تحققت ما توقعته، فإن هذا الحرف قد خلا أو كاد يخلو من الأوضاع التي استحدثتها الحضارة واقتضتها الصناعة والزراعة. وأتى الأستاذ بأمثلة كثيرة لذلك، منها أنه ذكر في مادة أبر: إبرة الخياطة ولم تذكر إبرة الحياكة ولا إبرة المحقن ولا إبرة البندقية، وذكرت الاسطوانة للسارية المبنية ولم تذكر الاسطوانة التي يسجل عليها الصوت، وذكرت الآنسة بمعناها القديم ولم تذكر بمعناها الجديد وهي الفتاة البكر، وفي مادة أنف لم تذكر محكمة الاستئناف، إلى أن قال: وهناك غير ذلك كثير من ألفاظ الصناع والزراع أغفلها المعجم وفي يقيني أن المعجم الوسيط وهو أكثر معاجم