وإنما ثلاثة اشهر عريضة من الراحة لإعداد البذار، وتقليم أشجار الفاكهة، بينما تتأرجح على الطريق اللافتة الباطلة وقد قلبها المطر والريح.
وعلى مر الأيام، فرغ صبر الأبناء واقتنعوا بأن الشيخ كان يبذل كل ما في وسعه لإقصاء المشترين، فاتخذوا قرارا حاسما. قدمت إحدى الكنات واستقرت بجانبه، وتلك امرأة صغيرة من نساء الدكاكين، حالية منذ الصباح، بارعة في إظهار الحفاوة وتكلف الرقة والتلطف في المجاملة براعة الذين اعتادوا التجارة. وكأن الطريق قد أصبح ملكها. فقد كانت تفتح الباب على مصراعيه، وتتحدث وتلغو، وتبتسم للمارة كأنما تقول لهم:
ادخلوا. . . انظروا. . . إن المنزل للبيع!
ولم تعد للشيخ المسكين مهلة بعد ذلك. أحيانا كان يحاول أن ينسى أنها هناك، فينصرف إلى تقليب حياضه وبذرها من جديد، كهؤلاء الناس الذين يوشكون على الموت ويحبون القيام بمشروعات ليخدعوا مخاوفهم. ولكن البائعة كانت تتبعه طيلة الوقت وتنغص عليه. - دع! ما انتفاعك بهذا؟. . . أمن أجل سواك تجشم نفسك كل هذا التعب؟ فما كان يجيبها وإنما كان ينكب على عمله في عناء غريب. إن ترك حديقته لعبث الإهمال معناه فقدانها بعض الفقدان منذ ذلك الوقت، وبد انفصاله عنها. ولهذا ما كنت تجد في الممرات عودا واحدا من العشب، ولا في شجيرات الورد غصنا طفيليا.
وظل البيت معروضا للبيع، ولكن الشراة لم يتقدموا. ذلك أن الحرب قد نشبت. وعبثا ثابرت المرأة على فتح بابها وإرسال النظرات المعسولة إلى الطريق، فلم يكن يمر غير النازحين عن الأرض ولم يكن يدخل إلا الغبار. واشتد غيظ السيدة من يوم إلى يوم، لا سيما وقد كانت أعمالها في باريس تستدعيها. كنت اسمعها توسع حماها لوما وتأنيبا، وتقسو في الهجون عليه وتخبط الأبواب، وما الشيخ فكان يحني ظهره دون أن يقول شيئا، ويتعزى إذ يبصر بازلاء الصغيرة تنمو، واللافتة معلقة في مكانها دائما:(منزل للبيع).
وفي هذا العالم، عندما وصلت إلى الريف، وجدت المنزل وعرفته! ولكن وا حسرتاه لم تكن اللافتة هناك! كانت إعلانات ممزقة بالية لم تبرح عالقة بأوجه الجدران. لقد قضي الأمر، وباعوه!. . . وفي مكان البوابة الرمادية الكبيرة أصبح باب أخضر، حديث الطلاء، تعلوه عتبة مستديرة، وتنفتح فيه نافذة ذات قضبان، تلوح من ورائها الحديقة. ولم تعد