نزلوا قرارة هذا الأرض ... وحللت أنت القمة العليا
عباد أوهام ما عبدوا ... إلا حقير منى وغايات
ومناك ليس يحدها الأبد ... دنيا وراء اللانهايات
يا قلب كم من رائع الحلك ... ألقك في بحر من الرعب
كم عذت منه بقية الفلك ... وصرخت وحدك فيهيا قلبي
ومضيت تضرب في غياهبه ... وترد عنك المائج الصخبا
تترقب البرق المطيف به ... وتسائل الأنواء والسحابا
وخفقت تحت دجاه من وجل ... كالطير تحت الخنجر الصلت
وعرفت بين اليأس والأمل ... صحو الحياة وسكرة الموت
يا قلب عندك أي أسرار ... ما زلن في نشر وفي طي
يا ثورة مشبوبة النار ... أفلقت جسم الكائن الحي
حملته العبء الذي فرقت ... منه الجبال وأشفقت رهبا
وأثرت منه الروح فإنطلقت ... تحسو الحميم وتأكل اللهبا
وعجبت منك ومن إبائك في ... أسر الجمال وربقة الحب
وتلفت المتكبر الصلف ... عن ذلة المقهور في الحرب
يا حر كيف قبلت شرعته ... وقنعت منه بزاد مأسور؟
آثرت في الأعلال طلعته ... وأبيت منه فكاك مهجور
وصحوت من وهم ومن خبل ... فإذا جراحك كلهن دم
لجت عليك مرارة الفشل ... ومشى يحز وتينك الألم
والأرض ضاق فضاؤها الرحب ... وخلت فلا أهل ولا سكن
حال الهوى وتفرق الصحب ... وبقيت وحدك أنت والزمن
وصرخت حين أجنك الليل ... متمردا تجتاحك النار
وبدا صراعك أنت والعقل ... ولأنتما بحر وإعصار
ما بين سلمكما وحربكما ... كون يبين ويختفي كون
وبنيتما الدنيا وحسبكما ... دنيا يقيم بنائها الفن