كأنها إحدى الظباء العين ... من عاذري فيهن من معيني
عيل بها صبري وطاش حلمي
حديثها سلافة النديم ... وخلقها تواضع اليتيم
فديتها من ملك كريم ... تعرف فيها نظرة النعيم
أنقى وأصفى من نطاف الغيم
وإن المعاني التي تتضمنها هذه الأساليب (سارقات الصبح، دين الغرام، طاش حلمي) من المعاني البديعة المبتكرة التي تدل على حسن تصرف الشاعر. وإن تشبيه الحديث بسلافة النديم والخلق بتواضع اليتيم، من التشبيهات الجليلة الرائعة.
وهو نفسه الجارم الذي يبكي أمير الشعراء (شوقي) ويصور فجيعة مصر والشعر فيه تصويراً مقدرة الجارم على التصوير الشعري فيقول: -
مات يا طير صادح تسجد الط ... ير إذا رجع الصدى تحنانه
نبرات تخالها صوت داوو ... د بلفظ تخاله تبيانه
مات شوقي وكان أنفذ سهم ... صائب الرمي من سهام الكنانة
أبك للشمس في السماء أخاها ... وإبك للدهر قلبه ولسانه
وابكه للنجوم كم سامرته ... مالئات بوحيها آذانه
وابك للروض واصفا ًيخجل الرو ... ض إذا هز باليراع بنانه
وابكه للخيال صفوا نقياً ... إنه كان في الورى ترجمانه
ملأ الشرق موت من ملأ الشر ... ق حياة وقوة وزكانه
ثم ينتقل بحسن تصرفه - من تصوير هول المصيبة بوفاة شوقي وخسلرةمصر والشرق العربي فيه، إلى تصوير قومية شوقي وحبه لمصر وتعلقه بكل ما هو مصري من نبل وخضرة وخمائل، وأنه يعشق من أجل مصر النيل والجزيرة وجسر إسماعيل وعين شمس و. . . و. . . فيقول: -
كان صبا بمصركم هام شوقاً ... برباها وبثها أحزانه
دفن اللهو والصبا في ثراها ... وطوى من شبابه عنفوانه
هي بستانه فغرد فيه ... وحبا كل قلبه بستانه