يحرس الفن في ظلاله نواحيه ... ويرمي عن دوحه غربانه
يعشق النيل والخمائل ته ... تز بشطيه خضرة ولدانه
يعشق النيل والجزيرة تغر ... يه وقد لف حولها أردانه
يعشق الجسر والسفائن تهفو ... حوله كالحمائم الظمآنة
ويحب السواد من عين شمس ... ملئاً من روائه أجفانه
ثم يطلع علينا الجارم بعد ذلك بصورة جديدة - دون أن يعدم سعة الحيلة وحسن التصرف - صور فيها شوقي إماماً لمن ينشدون الخلود ومثلاً أعلى لمن يتوقون لحسن الذكرى وطيب الأحدوثة يحتذ به كل من تصبو نفسه إلى ذلك فيقول: -
هكذا كل من يريد خلوداً ... يجعل الكون كله ميدانه
هكذا فليسر إلى المجد من يشا ... ء ويرفع بذكره أوطانه
ثم يلم بأخلاق شوقي بأبيات ستة يجمع فيها مكارم الأخلاق التي يتسابق أعزاء الرجال في تحصيلها لتزداد بها عزتهم حصانة وقوة فيقول: -
خلق كالندى وقد نقط الز ... هر فحلى وشي الرياض وزانه
وصبا يملأ الزمان ابتساماً ... وحجا يملأ الزمان رزانة
وسماح يلقى الصريخ بوجه ... تحسد الشمس في الضحى لمعانه
شمم في تواضع وحياء ... في وقار وفطنة في لقائه
وحديث حلوه روعة الشعر ... فلو كان ذا قواف لكانه
ويقين بالله ما مسه الضعف ... ولا طائف من الشك شانه
ثم ينتقل بعد ذلك - وعماده حسن تصرفه - إلى مناجاة شوقي في حنان شعري وأسف على فراقه ودعاء له من قلبه مع اعتذار واعتبار قائلاً: -
أيها الراحل الكريم لقد كن ... ت سواد العيون أو إنسانه
نم قليلاً في جنة الخلد وانعم ... برضا الله واغتنم غفرانه
كيف يوفى الشعر من ملك الشع ... ر وألقى لغيره أوزانه
ورثاء البيان جهد مقل ... للذي خلد الزمان بيانه
نهج من المناهج القويمة السليمة رسمه الجارم بطبعه الشعري الأصيل وسار عليه فكان