فضلك، يا حبيبي، وأنت قد غمرتني بنعمة منك سابقة، فما استشعرت فقد الزوج ولا غيبة العائل) فقال الرجل لا (عليك، فإن منتهى أربي أن أفوز برضا قلبك أو أن أظفر ببعض عطفك) قالت (وأنا قد علقتك ولا أخشى إلا أن تمتد يد الأيام القاسية فتضرب بيننا بحجاب لا أستطيع أن انفذ منه ولا تستطيع أنت) قال (أما أنا فإني أحس بعاطفة جارفة تجذبني إليك فلا أستطيع عنك صبرا) قالت (ولكنني أخشى الأيام وأحس بها توشك أن تفرق بيننا) قال (وكيف) قالت (أو نسيت أن زوجي على وشك أن يخرج من السجن) قال (واكنني لا أستطيع عنك صبرا) قالت (إذا فلا مر من أن نتلمس الوسيلة إلى لقائنا دون أن يتطرق الشك إلى قلب زوجي) قال في غفلة (وكيف السبيل؟) قالت في مكر (لا سبيل إلا أن تتقدم - الآن - فتخطب ابنتي الكبرى) فأطرق الرجل يقلب الرأي ولكن المرأة عاجلته في دلال (وإذ ذاك تستطيع أن تدخل الدار متى شئت وأن تجلس إلي في غير ريبة ولاشك) وأطرق الرجل مرة أخرى وان عقله ليدفعه عن الفكرة وأن قلبه ليجذبه إلى المرأة التي أحب، غير أن المرأة استمرت في حديثها (ولا ضير عليك إن فرغت إلى دارك وأولادك، وستجد في هذه الخطة ستاراً يداريك هنا ولا يفزعك عن دارك) ثم مالت غليه في خفقة وشوق وهي تقول (فما رأيك؟) وأحس الرجل بعطر المرأة يخطف عقله ويسلب قلبه فقال (لا بأس، فإنا أوافق) وسميت الفتاة على رجل في سن أبيها.
وترامى إلى الفتاة حديث أمها العاشقة فثارت ولكن الأم هرت فيها هريراً منكراً فإندفعت إلى حجرتها تبكي حظها العاثر.
وحرج الزوج من السجن فما وجد مناصاً من أن يلقي السلم إلى زوجته فبارك الفكرة وفي رأيه أنه سيجد في زوج ابنته عوناً على لأولاء الحياة وغلظة العيش.
ومكرت المرأة بالرجل مرة أخرى فإذا هي تسنزف ماله في غير رحمة ولا شفقة لتدخره لنفسها، وإذا هي تختله عن زوجته وأولاده رويداً رويداً لتستأثر به من دونهم، وصرفته عن عمله، وأرغمته على أن يقتر على زوجته وأولاده.
ثم جاء الزوج يستحث الرجل على أن يخطو خطوات فساح في سبيل إتمام مراسيم الزواج فما أبى ولا تمهل وجاءت المرأة تمكر به - مرة أخرى - فطلق زوجته وطرد أولاده، فما كان له - كرأي الزوجة - أن يتزوج من ابنتها الفتاة الآسرة الجميلة وهو زوج ورب