من قبل عندما امتدحه بقصيدة قال فيها:
تشاغل الناس بالدنيا وزبرجها ... وأنت بالدين عن دنياك مشغول
حتى إن المأمون لم يرتض منه لنفسه هذا المديح حيث أظهره مظهر رجل من رجال الدين الزاهدين الذين نسوا حظهم من الدنيا فقال: ويحك، هلا قلت كما قال جرير في عمر بن عبد العزيز: -
فلا هو في الدنيا مضيع نصيبه ... ولا عرض الدنيا عن الدين شاغله
ثم هو يؤكد هذا المعنى في مناسبة عيد الجلوس، فاخراً بدولة الفروق القوية التي أصبحت بفضل ملكها وتمسكه بأهداب دينه موئل الإسلام وملاذه فيقول: -
ملك من النور قد ضاءت دعائمه ... كأنما شيد من هالات أقمار
ودولة ركز الإسلام رايته ... فيها على طود تاريخ وآثار
وفي مناسبة تهنئته بعيد الفطر فيقول: -
إذا اصطنع الله امرأ جل سعيه ... وعمت أياديه وطابت نقائبه
به ازداد دين الله عزاً ورددت ... منابره آلائه ومحاربه
وقور بدرس الدين يطرق خاشعاً ... من النسك يرجو ربه ويراقبه
بجانبه الشعب الوفي يحوطه ... وترحمه أعضاده ومناكبه
تحلى به عصر الرشيد وعزه ... وسالف عهد الراشدين وذاهبه
ثم يوفق إلى هذا المعنى الجليل في مناسبة أخرى منشداً في الفاروق: -
قدوة للشباب قد عرف الجي ... ل طريق الحياة من خطواته
مرة سامقاً على صهوة الخي ... ل وأخرى مطامناً في صلاته
وفي غيرها في سهولة وإشراق قائلا في مملكة الفاروق:
شهدت بمطلعك الحيا ... ة تفيض بالنعم الزواخر
ورأت مخيل دولة ... فوق النجوم لها معابر
وتطلع المحراب في ... جذل وأشرقت المنابر
واستبشر الدين الحني ... ف بخير من يحيي الشعائر
ومدينة (رشيد) بلد الجارم قد شرفت بزيارة ملكية سعيدة؛ فلم تنسه غمرة الفرح التي عمت