للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بلده بشرف الزيارة حق الوفاء لمليكه بل يسجل ولاءه في هذه المناسبة فيخلع على رشيد ثوباً قشيباً تزهو به على الأيام بين البلدان. فبزيارة الملك لرشيد أصبحت طريقها تبراً وكانت قبل تراباً: -

جزت الطريق فصارت ... تبراً وكانت تراباً

ونخيلها اهتز طرباً تشوقا إلى طلعة المليك:

والنخل ماست ومالت ... تشوقاً واجتذابا

قد هزها الشوق حتى ... كادت تجاري الركابا

وثغرها قد تفتحت أساريره، وبسم عن ثغور - فواحة بالعطر - بسمة حبيب أذهلت حبيبه عن لومه وعتابه: -

والزهر ينضح عطراً ... بين الربا وملابا

له ابتسام حبيب ... أنسى المحب العتابا

وطبيعة رشيد السحرية شاركت أهل رشيد الحفاوة بالملك، فتطامنت هضابها وحنت رقابها وكانت قبل الزيارة عالية شامخة، والبحر لا ينتظر حتى يرده الفاروق بل هو يسعى إلى بحر مثله ليستقبله لأنه أكثر منه عطاء وأسخى جنابا والنيل قد سار فخوراً مدلا بسيفه الفروق فوق متنه: -

تطامنت هضبات ... ماذا أصاب الهضابا

كانت تسامي الثريا ... واليوم تحني الرقابا

والبحر يدنو ويعلو ... تطلعا وارتقابا

لما تلقاك قلنا ... لاقى العباب العبابا

فاروق أعظم نفساً ... منه وأسخى جنابا

يزجي السحاب ثقالا ... وأنت تزجي الرغابا

والنيل ينساب تيهاً ... بين المروج انسيابا

ثم يصور رشيد وقد خرجت شيباً وشباناً تجتلي طلعة المليك، ورنت مآذنها وقبابها تتمنى أن تخوض مياه النيل للقيا المليك لو قدر لها ذلك: -

لولا السفين لهامت ... (رشيد) تعدو وثابا

<<  <  ج:
ص:  >  >>