ألا فانتبه للأمر حتام تغفل ... أما علمتك الحال ما كنت تجهل
ويسير على هذه الوتيرة في أبيات غير قليلة يدعو فيها أمته وشعبه إلى التكتل والنهوض والثورة على حكومة الأتراك ثم يصف هذه الحكومة فيقول:
وما هي إلا دولة همجية ... تسوس بما يقضي هواها وتعمل
فترفع بالإعزاز من كان جاهلا ... وتخفض بالإذلال من كان يعقل
ولا نريد أن نتعرض للبيت الأخير بالنقد من الوجهة اللفظية واعتماده على الصناعة والتقليد فنقول: أن الشاعر كان نحويا حين رفع وخفض، وكان بديعيا حين طابق بين الجهل والعقل. لا نريد هذا وإن تكن الموسيقى اللفظية من أهم العناصر في الشعر - وإنما يكفينا هذه الصورة اللفظية التي يضعها الشاعر في إطار الواقع عن تلك الحكومة التي أساءت إلى نفسها وإلى غيرها، هذه الصورة تبرز لنا في هذا البيت وفي غيره من أبيات هذه القصيدة، فالدولة العثمانية دولة مستبدة همجية كما سبق، وحكامها وولاتها.
إذا نزلوا أرضا تفاقم خطبها ... كأنهم فيها البلاء الموكل
ولم تسلم منهم البلاد العربية وأقطارها.
فمدت إلى سورية يد عسفهم ... تحملها من ظلمهم ما تحمل
وبغداد دار العلم قد أصبحت بهم ... يهددها داء من الجهل معضل
وسل منهم القطر اليماني إنه ... يبث بما يجري عليه وينزل
ثم يتحدث عن السلطان عبد الحميد ونترك مجال التصوير للشعر وحده:
وذي سلطة لا يرتضي رأي ناصح ... إذا قال قولا فهو لا يتبدل
أيأمر ظل الله في أرضه بما ... نهى الله عنه والنبي المبجل
فيفقر ذا مال وينفي مبرأ ... ويسجن مظلوما ويسبي ويقتل
ثم يلتفت إلى عبد الحميد فيهدده ويتوعده بسوء العاقبة:
فيا ملكا في ظلمه ظل مسرفا ... فلا الأمن موفور ولا هو يعدل
تمهل قليلا لا تغظ أمة إذا ... تحرك فيها الغيظ لا تتمهل
وأيديك إن طالت فلا تغترر بها ... فإن يد الأيام منهن أطول
ونحب أن نستمع إلى الزهاوي وهو يقص علينا ما لاقاه في تركيا من عنت واضطهاد وما