تحميد العودة) حتى وصل إلى بركة الحاج، فعاد المودعونجميعا من العامة والأمراء، وبيبرس وسلار يتعجبان مما سمعا من العامة ولا يعلمان أن الدس مستمر من البطانة إلى الشعب.
إلى الكرك:
بعث السلطان أهله إلى العقبة، وظل هو مدة بتصيد بالصالحية ثم سار في طريقه إلى الحجاز. ولما صار في أقرب نقطة إلى الكرك عرج عليها، وأرسل من استدعى أهله من العقبة، وأمر بإخراج كل من في ناحية الكرك من الأهالي، وبعث بقائد القلعة وحاميها إلى مصر ليخبر بيبرس أنه قد انثنى عزمه عن الحج واختار الإقامة بالقلعة، ورد معه كل الهدايا التي أهداها إليه الأمراء بمناسبة حجه، وأخذ الأمراء المصاحبون له في الحج يبكون ويحاولون إرجاعه عن عزمه فلم يفلحوا، فعاد الجميع إلى مصر محزونين. ولما لام بيبرس نائب القلعة على تسليمها للملك أطلعه على الخطاب المحرر باسمه واسم سلار، وبالبحث ظهر أنه مزور، دسه عليهما الطنبغا الكاتب، بتحريض من بطانة السلطان.
حرب القلم:
طلب الناصر علاء الدين بن الأثير الكاتب وأمره أن يكتب لبيبرس وسلار وأمراء مصر الكتاب الآتي:(بسم الله الرحمن الرحيم: حرس الله الجنابين العاليين الكبيرين بين الغازين المجاهدين، وفقهما الله تعالى توفيق العارفين، أما بعد فقد اطلعت على قلعة الكرك وهي من بعض قلاعي وملكي، وقد عولت على الإقامة فيها، فإن كنتم مماليكي ومماليك أبي، فأطيعوا نائبي ولا تخالفوه في أمر من الأمور، ولا تعملوا شيئا حتى تشاوروني، فأنا ما أريد لكم إلا الخير، وأنا ما طلعت إلى هذا المكان إلا لأنه أروح لي، وأقل كلفة، وإن كنتم لا تسمعون مني فأنا متوكل على الله والسلام) وصل الكتاب فاجتمع الأمراء بدار بيبرس، وقد طار صوابهم لهذه الألاعيب، وكتبوا إلى الملك بعد التشاور الجواب الآتي:
(ما علمنا ما عولت عليه، وطلوعك إلى قلعة الكرك وإخراج أهلها، وتشيعك نائبها، وهذا أمل بعيد. فخل عنك شغل الصبى، وقم واحضر إلينا، وإلا بعد ذلك تطلب الحضور ولا يصح لك، وتندم ولا ينفعك الندم، فيا ليت لو علمنا ما كان وقع في خاطرك وما عولت