اللفظية. ونكتفي بهذا القدر الذي سقناه مما نظمه الزهاوي أيام الاستبداد لنتحدث عن شعره بعد إعادة الدستور ولنرى موقفه من هذا الحادث العظيم في تاريخ الدولة العثمانية.
لم نجد للزهاوي قصائد كثيرة في مناسبة الدستور وإنما كل الذي وجدناه لا يصل إلى ما وصل إليه ذلك الذي نظمه أيام الاستبداد؟ وهذا المقدار القليل كاف لأن يفسر لنا مذهب الشاعر وموقفه حيال الدستور وهو موقف الفرح المستبشر والراضي المطمئن. ففي (الكلم المنظوم) قصيدة عنوانها (التعاون) قالها بعد إعلان الدستور - أو بالأحرى إعادته - وتلاها يوم انعقدت جمعية الاتحاد في بغداد، والقصيدة لا تتجاوز خمسة وعشرين بيتاً نجتزئ منها ما يأتي:
حزب التعاون في الدنيا هو الناجي ... نمشي على ضوئه في ليلنا الداجي
قد أفلحت أمة في قصده نهجت ... فأنه للترقي خير منهاج
إن الذي أصبحت عيني تشاهده ... قد أبهج القلب مني أي إبهاج
قد أعلنت للورى حرية فمضى ... زمان سخرة ذي آمرو (قرباج)
وأطلقت كل نفس من أسارتها ... هذا الذي كان يرجو نيله الراجي
ثم يؤرخ هذه المناسبة:
فقال في وصفها شعري يؤرخها:(تحرر الناس من أسر وإحواج) ويصادف هذا التاريخ سنة ١٣٢٦ هـ.
وقصيدة أخرى عنوانها (عيد ومأتم) قالها في هذه المناسبة وقد صادف أن مات رجب باشا صديق الشاعر أيام إعادة الدستور فجمع الشاعر بين الفرح والحزن:
عم البلاد سرور لا يكدره ... إلا وفاة أبي أحرارها رجب
أفراحنا برزا يا ناقد اختلطت ... فقلت: قد طابت الدنيا ولم تطب
ليس هذا الذي تحدثنا عنه بقريب على الزهاوي وقد نفي وشرد وأبصر بعينه ما يجري في العراق وغير العراق من سوء المعاملة وما تعانيه هذه الأقطار من فقر وجهل وما يقع على الأحرار والأبرياء من تنكيل واضطهاد. ليس بغريب على الزهاوي أن يثور على عبد الحميد وولاته وأن يستبشر بعودة الدستور ولكن الغريب أن عبد الحميد الذي يقول فيه الزهاوي: