قوله (ويرعاها أخو السمر) ولم خص أخا السمر؟ (علا بها الدهر) وهنا كرر كلمة الدهر. وهذه الليالي تتحف الدهر بحلية المجد. فما معنى هذا؟ وكيف فاز الدهر بالوطر؟ وما هو المعنى الطريف في قوله (وأنعمت بمراد السمع والبصر)؟ ثم قال (كأنها والليالي الغر سالفة) فكرر كلمة (الغر). لاشك في أن هذا لغو لا طائل وراءه. وهذه الأبيات على طولها لا تحمل غير معنى تافه جداً. يريد أن يقول إن هذه ليال سعيدة فأسهب على غير جدوى.
وقال:
وكيف ولا خديوي مصر ألبسها ... ثوباً من الطول مأموناً من القصر
تجر أذيال إعزاز بمقدمه ... حتى بها مصر سامت كل مفتخر
وفاخرت كل إقليم يناظرها ... وقد جرى النيل عند الفخر بالخبر
فأي معنى تحمله هذه الأبيات؟ أراد الرجل أن يقول إن البلاد فرحت بقدوم الخديوي وابتهجت بعودته فلم يوفق في إبراز هذا المعنى البسيط في ثوب قشيب. فجعل الليالي تجر أذيال إعزاز وقال (حتى بها مصر سامت كل مفتخر) ثم كرر هذا المعنى في قوله:
(وفاخرت كل إقليم يناظرها) وما هو المعنى الطريف أو الصورة الشعرية التي في قوله (وقد جرى النيل عند الفخر بالخبر)؟ لن نخرج من وراء هذا الكلام بفائدة لا كثيرة ولا قليلة.
ثم قال:
أهلا بمقدم روح القطر من سعدت ... به الرعية واستولت على الظفر
مليكنا المفرد الساري إلى نسق ... في العدل مسراه أعيى كل مقتدر
لقد خلعت على الألقاب ثوب علا ... وشرفت بك بين البدو والحضر
حتى غدا أعظم الألقاب مفتقراً ... إليك كي يرتقي في عالم الصور
ولو يقول بلغنا قدر قدركم ... أهدى اللسان ثناء الآي والسور
ومفهوم أن يقول إن الرعية سعدت بمقدم الخديوي. أما قوله (واستولت على الظفر) فغير مفهوم ولا مقبول ولا مما يستقيم ولا مما يستساغ. ومعنى البيت الثاني تافه. وأراد أن يقول في الأبيات الثلاثة الباقية إن الألقاب ارتفعت بالخديوي وتشرفت فأنى بهذا المعنى الضئيل في ثلاثة أبيات كلها عبث وهراء.