ستة مرات. وقد كرر ذلك بعض التعابير. ومثال ذلك قوله (تسمو عن سنا القمر) و (فاق الدراري سنا في رائق الدهر) و (عدت في فتية فاقوا النجوم سنا) وقوله (وكل ثغر غدا بالبشر مبتسماً) و (الملك يبسم عن عدل يقارئه). كما كرر بعض المعاني على تفاهتها فإذا أضفنا إلى ما تقدم ضعفه المتناهي في الصياغة استطعنا أن نقول إن الليثي لم يك شيئاً في عهد إسماعيل.
والآن ننتقل معك يا علي لنرى كيف كنت تقول الشعر في زمن توفيق.
بعد أن فشلت الثورة العرابية شرع المصريون يتبرءون منها ويتنصلون من تبعتها. ومن كان منهم قد انضم إلى صفوفها أخذ ينتحل المعاذير ويذكر أنه اضطر إلى الانضمام إلى الثوار تحت الضغط والإرهاب. ولعبد الله فكري قصيدتان طويلتان نظمهما عقب الاحتلال البريطاني نفي فيهما ما نسب إليه من ميله إلى الثوار. ولليثي قصيدة أنشأها في هذا الغرض. ولكن الليثي في قصيدته يبدو أنبل نفساً وأسمى شأناً من عبد الله فكري. وقبل أن نتكلم عن قصيدة الليثي نريد أن نشير إلى ملاحظة صغيرة؛ وهي أن العلاقة بين الشاعر وبين الخديوي إسماعيل كانت قد فترت في الأيام الأخيرة من حكم هذا العاهل. والدليل على ذلك أن الليثي كان قد شد رحاله إلى ضيعته. وهناك وصلت إليه قصيدة من عبد الله فكري يبشره فيها بخلع إسماعيل. ومما جاء فيها قوله:
واقرأ على الشيخ الجليل تحية ... مقرونة بالشوق والتبجيل
وقل البشارة مصر ولي أمرها ... توفيقها من بعد إسماعيل
ولو لم يكن عبد الله فكري يأنس في الليثي ارتياحاً لمثل هذا الأمر لما أسرع يزف إليه ذلك النبأ، وجعل من خلع إسماعيل بشارة يبعث بها إلى الليثي. والدليل على ذلك مذكور في نفس هذه القصيدة وهو:
حتى إذا استأنست من تصديقه ... بعلائم التكبير والتضليل
فانهض به في الحال نهضة مسرع ... للعود لا يلوي على تعليل
وعلائم التكبير والتهليل لا تبدو إلا ممن يطغى عليه الفرح والسرور. هذه مقدمة أتينا بها تمهيداً للكلام على قصيدة الليثي التي نظمها بعد هزيمة العرابيين والتي بدأها بقوله: