يحاول بعض النقاد تحديد الأثر بها. وإخضاعه للتجزئة على هذا القياس، كما يصل إلى النمط المتسق الذي يخدع المتذوق تمام الخديعة فهم يدركون حقيقة كامنة في الفعل المليء بالقوى، الفائض بالطاقات الحيوانية، هذا الفعل الذي نسميه مشاركة الوجدان. وهذه الحقيقة المرتبطة بكل هذا، هي الراحة النفسية التي يحسها الآخرون. فنجدهم يرددون في لهث متقطع: أعطوه ما يرتاح إليه نحن أيضاً.
ولا تحدث الراحة النفسية إلا إزاء ما تطبعه فينا الأشياء من شعور بالتحرر، بأنها نازعة أبداً إلى الصورة النقية. قف قليلا أمام منزل سقطت واجهته، وبدا عارياً من كل أتساق. إنك تجده يبدو كخط متكسر، أو كجملة خطوط متكسرة، فمجالاتك البصرية لا تجول في أبعاد فسيحة متسقة. خط يعترضك هنا. زوايا تصدم حرية بصرك هناك. فتجد نفسك قد شعرة بنوع من القلق، نجد نفسك لا ترتاح إلى انطباق الأفق والأرض في ساعات المغيب. وما التحرر الذي نستشعره إلا في كون ما نراه هو هذا الشيء الذي لا يوقفنا قليلا لو عورة هنا. وخطوط هشة هناك إننا نميل للمنحنيات بفطرتنا، نميل إلى الأشياء التي تغلف الجوهر، وكل ما يتفرع منه بغلاف ليس فيه من بروز شوهاء. . . أما الخطوط المتكسرة، فهي تقطع تجاوبنا النفسي، وتعاطفنا نحوه. إننا لا ننتقل معها بمشاعرنا في انسياب ابداً، ولا تحركنا معها مفسحة مجالاتنا النفسية، ولا تجعلنا نستشعر الوحدة في هذا الانحدار الحر. بغير عائق وعلى هذا الأساس تقوم العلائق بيننا وبين شتى الفنون.
وهنا تحدث الخديعة، إذ تختلط المعطيات الحس والوجدان لدى الفنان والمتذوق على حد سواء، فلا تفرقة بين (شكل) و (مضمون)، فهما يحسبان الاثنين أشياء تستوي لدى المتأمل والمعبر بغير افتئات، كلاهما مطلب من مطالب الراحة الوجدانية، وكلاهما تعاطف بلغ أوجه الاتساق.
وحقيقة أننا نجد في هذه الفنون الشكلية الألوان المنسحبة من سطح إلى سطح، في وحدة وترابط تثير انفعالاتنا. ونجد كذلك الأصوات في إيقاعها الرتيب تجرف مشاعرنا، وكذلك الألفاظ في ترادفها وتتابعها تحدث هذا النوع من التعاطف الجمالي ' ولكن كلما نفذنا إلى كنه المسألة، وجدنا كل هذا طلاء. طلاء مروع أشبه بالغشاوة تحجب أعيننا، وتتركنا في حال من تداعي الصور لذيذ، فنحن لا نخرج من كل هذا إلا بالخدر، بالمسكن الوقتي. أما