الذي يرجع إلى حالة التوتر بين (واجب) و (تعبير) في الأنة الواحدة، في الزمن الذي يتسرب فيه النشاط ليتكامل المضمون.
وإذا وصلنا إلى هذا المنظم القوي وامتلأت نفس الفنان به، لا يحدث القلق ولا المنحى الشكلي: وما هو المنظم إذا لم يكن الوصول إلى الموضع الفاصل بين حدي التوتر، بين تحديد قيمة (التعبير) وتحديد قيمة (المسؤولية)، إلى مركز حركتين متعارضتين، ولكنها متشابكتان؟.
كيف نصل إليه؟ كيف؟
نلاحظ أن أكثر الفنانين يعطوننا فناً مريضاً. فيه صرخات جوفاء، وفيه عويل ونحيب. إنه أشبه بجنازة طويلة لا ينتهي فيه البكاء. وهذا في جملته ليس عالمك أنت ولا عالمي أنا، ولا عالم سائر البشر الموجودين، إنه حالة تشبه بالإغماء، أشياء لا يفهمها إلا خالقها، وهو يعبر عنها تعبيراً فيه الكثير من حرق البخور، والترهب، ومناجاة الأرواح الخفية. إنها حالة فيها التداعي إلى حد نفاذ (الوعي الفني) الذي يستحيل الوجدان به شيئاً محللا، وتتم به عملية الروابط وتتحدد بالوضوح إذا ما توافر لديه.
وتتم به عملية الربط وتتحدد به عملية التصور، ويتميز الفن
وما السبب في هذا؟؟. . .
ليس من سبب إلا أن فناننا هذا، صاحب الفن المريض، كان يعيش وحده. ليست له عيون كالعدسة ترقب وتلتقط وتعكس، وتعطي كل ما تستنفذه إلى مدركات حسية، ترتبط برباط الفن،
لا، لم يكن هذا طابع المسألة، وإنما فناننا مصاب بالنرجسية الراقية، وحقيقة إنه لا يعجب بنفسه، ولا يتأمل محاسنه، ولكنه دائر مع نفسه في صورة أخرى منعكسة على أثر فني يريد إخراجه. هو يجول مع هذه المشاعر النرجسية. متأملا نفسه، مطلا عليها من عالمه وحده. ولنفس السبب نجد أكثر الآثار الفنية يبدو كأنها آتية إلينا من عالم غريب، ليس عالمنا. إننا نحس في القصص أو الأشعار التي تدخل في هذا النطاق، بأن ثقل أوراق كتبها يعيدنا إلى عالم المحسوسات حولنا بين الفنية والفنية، وفي أحيان كثيرة يصرخ البعض: لا نستطيع أن نستمر في قراءة هذا. إذ هذه اللوحة غريبة عني، أو هذه القطعة الموسيقية لا