فرغ ضيفنا من ارتداء ثيابه فدلفنا إلى الشرفة. وما إن افرغ كأساً من (البنج) في جوفه حتى كانت زوجتي أيضاًقد لحقت بنا وشاركتنا حديثنا.
كان فرديرك في ذروة نشوته ومرحه. يمزح، يثرثر، يثير قهقهة إثر قهقهة حتى لقد أوشك أن يغمى على زوجتي ثلاث مرات من فرط الضحك.
وصلت الحقيبة الكبيرة، وكان أول عمل قمت به هو أنني هرعت إلى السلم لأقرأ عليها على الأقل العنوان الذي قد يرشدني إلى هوية صاحبها.
فرديرك لندنهولم.
هذا هو الاسم الذي وقع عليه بصري وأنا أتفرس جيداً في أحد جانبي الحقيبة.
لم يتبدد شيء من الظلام الذي يكتنف ذهني.
وعلى هذا المنوال أقام فرديرك لندنهولم هذا بيننا. غير أنه لم تكد تمر سوى ثلاثة أيام فقط متى كانت قد استحكمت بيننا وبين ضيفنا أواصر الألفة والمودة، واشتدت الوشائج التي تربط كلا منا بالآخر.
كان فرديرك قد أصبح عنصراً ضرورياً في حياتنا اليومية لا يمكن إغفال أمره أو الغض من أهميته. فهو حيناً يداعب الأطفال ويلاعبهم، وطوراً يساعدني في قيادة زورقي البخاري.
وقد استطاع بظرفه وخفة روحه أن يكسب حتى قلب زوجتي وثقتها.
قالت لي زوجتي ذات يوم:
- ليتك أنت أيضاًمثل فرديرك دائم المرح، بادي البشاشة، مستعداً لمعونة الغير في أي لحظة! إن الإنسان ليكاد لا يشعر بأي ضجر أو سأم عندما يكون قريباً منه.
استسلمت لبحر من التأمل والتفكير العميقين، بينما مرت الحياة رتيبة هادئة في بيتنا لا يكدر من صفوها وإشراقها شيء يستحق الذكر.
وبعد مضي ثمانية أيام تسلم فرديرك خطاباً، وما فضه وقرأه حتى قطب جبينه وبدت على قسمات وجهه علائم الجهد والاهتمام ثم قال:
- أصدقائي الأعزاء. لقد انتهى عملي هنا، يجب أن أسافر غداً صباحاً بدون إبطاء. إن