حديثه بين أرباب النهى سمر ... يعزوه للمجد منقول ومعقول
أوحين يقول:
فاسمح فديتك فالأوقات آنسة ... والحظ اقبل بالإسعاد طالعه
أوحين يقول:
بها تزف الأماني في مواكبها ... لكل راج ويرعاها أخو السمر
والأنس دار بأقداح السرور وقد ... حيي الرعية واستملى أخا النظر
تجده يذكر (السمر) و (الأنس) و (أقداح السرور) وهذا من غير شك وليد الوسط الذي درج فيه
وكانت مجالس الأنس والسرور تعقد في الحدائق بين الأزهار والرياحين والجداول والطيور والأشجار. وقد أثرت هذه المناظر في خيال الليثي فأكثر من التغني بها في شعره، ومثال ذلك قوله:
والدهر وافي بما كنا نؤمله ... والروض غنت كما تهوى سواجعه
طافت جداوله بالدوح ساقية ... كأنه طفلها تحنو فترضعه
تشدو على عودها الورقا كائن لها ... إلفا يردد شكواه تراجعه
وبلبل الأيك أبدى لحنه طرباً ... فرنح الغصن حتى قام راكعه
وللنسيم بهاتيك الربا أرب ... إن مر يحلو ونفح الطيب ضائعه
فهذه الصور التي جاء بها هنا قد أخذها من الواقع الذي يحيط به في حدائقه الخاصة وبساتينه، وفي حدائق إسماعيل ومتنزهاته ورياضه، وفي حدائق الأمراء والكبراء الذين كان يغشى دورهم. وقد أعجبني من هذه الأبيات قوله:
طافت جداوله بالدوح ساقية ... كأنه طفلها تحنو عليه فترضعه
فتشبيه الجدول حين يسقى الدوح بأم ترضع طفلها يحمل صورة شعرية جميلة تجعلنا نعطف على تلك الأم وذلك الطفل.
وللشاعر قصيدة في رثاء عبد الله فكري مطلعها:
نذم المنايا وهي في النقد أعدل ... غداة انتقت مولى به الفضل يكمل
تخطت أناساً من كثير نعدهم ... وغالت وحيداً من قليل يحصل