رقيق حواشي الطبع سهل محبب ... إلى كل قلب حيث كان مبجل
كريم السجايا لا الدنايا تشينه ... عظيم المزايا إذ يقول ويفعل
شمائله لو قسمت في زماننا ... على الناس لازدانوا بها وتجملوا
وهذه كلها من المعاني التافهة التي يحوم حولها الشعراء في مثل هذا المقام، ولا نحتاج إلى القول بأنها متكلفة مصطنعة.
ولن تجد الشاعر مهما بلغ به من الضعف مشقة في سرد مثل هذه النعوت. والذين رثوا عبد الله فكري اشتركوا في هذه المعاني فمنهم من أوجز ومنهم من أسهب. ومثال ذلك قول حفني ناصف:
باللطف واللين والدين الرصين له ... مقام سبق عليه قط ما غلبا
ما روح النفس بالدنيا مفاكهة ... إلا قضى من فروض الدين ما وجبا
قضى الحياة ونصر الدين دبدنه ... لا ينثني رهباً عنه ولا رغبا
وكان مغرى بفعل الخير يحسب في ... إسدائه أنه قد أدرك الأربا
وقد أطال الليثي على غير جدوى، وأتى بالمعنى القليل في لفظ كثير. فالمعنى الذي في قوله (رقيق حواشي الطبع. . .) هو عينه الذي في قوله (كريم السجايا. . .) وقول الليثي:
لقد كان ذا دين قويم وعفة ... بها ساد أمثالاً لديه تمثلوا
قريب جداً من قول حفني ناصف:
يا للطف واللين والدين الرصين له ... مقام سبق عليه قط ما غلبا
وعبارة حفني ناصف وهي (مقام سبق عليه قط ما غلبا. . .) أقوى بكثير من عبارة الليثي (بها ساد أمثالاً لديه تمثلوا. . .)
ثم انتقل الليثي بعد ذلك إلى الإشادة بمكانة عبد الله في عالم الأدب فقال:
فقدنا محياه ولكن بيننا ... بديع مزاياه بها نتمثل
فكم من أدب غض وحسن ترسل ... لآياته عبد الحميد يذلل
فما الفاضل القاضي إذا جاش صدره ... وأبدع في معنى عليه يفضل
ومهما صبا الصابي وأبدى بدائعاً ... فإن ضجيج الحور منه لأكمل
وما أبن هلال حيثما حل بدره ... وأطلق مر الفكر إلا مكبل