٢ - ومع كثرتهم العددية التي أشرنا إليها وما ينتظرهم من مستقبل باهر نتيجة موقع بلادهم وما تحويه تربتهم من غنى وخيرات لم تستغل بعد، ومع وصول عدد من دولهم إلى الاستقلال التام عقب الحرب العالمية الثانية، ومع مظاهر الوعي القومي وبعض الوعي الديني، فيهم ومع انتشار أقليات منهم من بلاد كثيرة، لم يتمكنوا بعد من تأسيس هيئة إسلامية عالمية تستطيع أن تخدم الإسلام وتنشر الحقائق عن أهله وبلاده وتشير إلى أهميتهم كمجموع كبير وعنصر من عناصر الرقي والتقدم.
ولما اجتمعت الهيئات الدولية عقب الحرب واهتمت بالشئون الدينية والروحية كعناصر من عناصر بقاء الإنسان وتطوره، أخذت الأديان الأخرى تتقدم بهيئاتها المختلفة إلى منظمة الأمم المتحدة ولم تجد بينها هيئة واحدة إسلامية تتحدث باسم المسلمين ترفع لهم صوتاً مسموعاً في هذه المحافل بين الهيئات الغير الحكومية التي تتكلم باسم الأديان والمذاهب الأخرى مع أنها لا تقاس بأهمية المسلمين وكثرتهم العددية في العالم.
٣ - لهذا كله فكر عدد من أهل الرأي والفكر في مصر في سد هذا النقص وعملوا على تأسيس هيئة مصرية لمؤتمر العالم الإسلامي الدائم يكون من أهم أهدافها:
توثيق الروابط الدينية والعقلية والروحية بين المسلمين في العالم - ثم العمل على تحقيق الاتصال بين المسلمين للتعارف والتفاهم وإبراز مبادئ الإسلام التي تتعالى عن فوارق اللون والجنس والقومية.
٤ - ولقد نظر القائمون بهذه الفكرة إلى أن الوحدة الإسلامية في نطاقها الديني والروحي لا تحارب الوحدة الإنسانية بل تكلمها لكي يؤدي الإسلام رسالته الخالدة فيتعاون مع سائر الأديان الأخرى للمحافظة على القيم الروحية التي لا يمكن للإنسانية أن تتخلى عنها وهي في عنفوان نهضتها وتطورها واندفاعها نحو تأسيس نظام جديد لعالم المستقبل.
٥ - وتمر الإنسانية في أوقات صعبة إذ تحاول بعض القوات السائدة على الأرض أن تقلل من أثر الأديان وأهميتها في قيادة شئون العالم وأن تضعف من عمل القيم الإنسانية والروحية في تطور البشر ويقظتهم.
لذلك كان بقاء المسلمين بعيدين عن هذه اليقظة الشاملة لا يفيدهم، بل أن واجبهم الأول هو دخول هذه المعركة القائمة بين الأديان من جهة، ودعاة الإلحاد من جهة أخرى، حتى تبرز