للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سكن المدير، التفت المجرم العجوز نحوهما وحدجهما بنظره.

ومر العصر، ثم المساء، وذهب (الذئب) ككل حيوان إلى عرينه.

وتعاقبت الأيام والأشهر، ولم يحدث في السجن المنظم شيء ذو بال. ولكن قامت ذات يوم من شهر يوليو عاصفة في اليم خارج السجن، وثارت في نفوس السجناء ثورة تجاوب العاصفة، وارتفع نذير العصيان، ورفض الرجال تناول الطعام الذي قدم إليهم، وانفجرت المؤامرة التي كانت تضطرم بكامل قوتها.

وهتف المسجونون (اطردوا الضباط! ليسقط الضباط! لنأخذ السجن!)

وقفز المدير كالفهد من غرفته حيث كان يقيل، وفي طريقه إلى الفناء أغلق باب مسكنه على طفلته حتى لا تتبعه. ولما دخل فناء السجن وجد أمامه ثلاثمائة رجل مسلح بملاعق خشبية كبيرة دببت أطرافها وأرهفت حتى لتقتل كالسكاكين

وأطلق الطلقات الست من غدارته، ولما أطلق الطلقة الأخيرة رأى وحشاً حقيقياً مقبلاً نحوه، رجلاً أشعث الرأس، كأنه رأس دب، وهو يصيح (لا تخف! أنني هنا!) وكان هو (الذئب).

وأمسك المدير من حزامه، ودفعه إلى الحائط وأوراه بجسمه، وأمسك في يمناه مدية كبيرة الحجم، لا يدري أحد كيف حصل عليها، وبدأ والمدية في يده يستقبل العدو، وهو يسدد طعنات صائبات حقي أن كل من اقترب من متناول يده سقط ميتاً عند قدميه.

لما وصل إلى نجدته الحرس المسلحون والشرطة، وانتهت المعركة، وهدأ كل شيء، ونجا المدير، سقط (الذئب)، وقد أثخنت الجراح رأسه وجسمه وكان في حشرجة الموت. وادخلوه سكن المدير بناء أمره، وأرقدوه على سريري ناعم وثير رقد على مثله لأول مرة في حياته. ورقد هنالك، يقلب الطرف حوله، بعينين باحثتين متوقعتين. . وتكلم (الذئب) بصوت متقطع وهو راقد هناك بين الحياة والموت، وهو يرمق الرجل الذي أنقذه من الموت.

وقال (الطفلة. . الطفلة).

وفطن المدير في لحظة إلى السبب الذي حمله على الدفاع عنه، أجل أجل لا ريب أن ذلك هو السبب! وجرى نحو مسكنه الذي أغلق بابه على ابنته، وقد نسى أن يفتح الباب حتى

<<  <  ج:
ص:  >  >>