للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فمن لكم أن تروا عدلا أخاهمم ... يسركم بقدوم العدل طالعه

وهذا البيت تمهيد للانتقال من وصف الأحوال المحزنة التي أشرنا إليها إلى التنويه بالفرح المرتقب على يدي توفيق. وهذا التخلص جيد إلا أن أسلوب البيت ضعيف.

ثم قال:

فقلت مهلاً فكم من أزمة فرجت ... وأعقب الليل صبح ضاء لامعه

وإنما اليسر بعد العسر منتظر ... وأحسن الصبر ما ترجى منافعه

دعوا الأراجيف فلأوهام ليس ترى ... إلا خيال سراب غاض ناقعه

ولا يغرنكم منا الفتور فقد ... يسابق الركب في الفيفاء طالعه

في هذه الأبيات يرد على المرتابين في الإصلاح واليائسين من الفرج. وقد حاول أن يقنعهم بأن الفرج آت لا محالة. وقد أجاد إذ سلك طريق الحوار لعرض آرائه وبسط آماله وأمانيه.

ففي الأبيات الأولى أجرى الحديث على ألسنة المرتابين في الإصلاح، وعظم من شأن ما كانت تئن منه البلاد. وفي الأبيات الأخيرة أجرى الحديث على لسانه فأعرب عن رجائه في اليسر بعد العسر، وفي الفرج بعد الشدة. ثم انتقل من هذا إلى مدح الخديوي وخاطبه بهذه الأبيات:

نرجوه إنجاز إصلاح الشؤون عسى ... يصفو به الملك دانيه وشاسعه

فإن آمالنا أمته جارمة ... بأنها لا ترى شهما يضارعه

فكن مجيبا أبا العباس دعوتها ... فباب عطفك يلقى البشر قارعه

ووال فضلك يا خير الولاة لمن ... وإلى لأمرك يشقى من يراجعه

واستنتج الرأي إصلاحا فقد حجبت ... شمس الهدى بسحاب فاض هامعه

وطهر الملك من عات ومتهم ... تقوده للقضا جهلا مطامعه

هكذا وقف أبو النصر من الخديوي توفيق موقف الناصح الأمين والمرشد المخلص. ووقف كذلك موقف الوطني الغيور على مصلحة أمته فطالب برفع المظالم وتطهير الأداة الحكومية من اللصوص والمرتشين. وهذه الأبيات من أصدق الشعر الذي قيل في ذلك الوقت. ففيها تعبير عن رغبة شديدة كمنت في النفوس، وتطلعت إلى تحقيقها القلوب. وكان أبو النصر ممن ترجموا عن هذه الرغبات الكامنة ونطق بما ترجوه الأمة من الإصلاح ورفع المظالم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>