وختم الشاعر قصيدته الرائعة بقوله:
فإن رعيت وراعيت الحقوق فما ... أولاك بالمدح يتلو الحمد بارعه
وفي هذا البيت تظهر جرأة الشاعر في مخاطبة سيد البلاد.
فهو يقول له إنك لن تكون أهلا للمدح والثناء إلا إذا قمت بما تتطلبه البلاد من الإصلاح ونشر العدل. ولا ريب في أن الشاعر قد وقف وأجاد حينما ختم قصيدته بهذا البيت المؤثر. وهذه القصيدة وإن قيل إنها نظمت في مدح الخديوي الجديد إلا أن ظاهرة المدح فيها لا تكاد تذكر. وطغت عليها ظاهرة الإلحاح في طلب الإصلاح. وهي أروع ما نظم أبو النصر، بل من؛ أروع ما نظم في ذلك الدور على الإطلاق.
وهكذا اشترك أبو النصر في التمهيد للحركة العرابية التي ظهرت بعد وفاته.
وللشاعر طريقة خاصة في الرثاء. فهو يبدأ بالتحدث عن الموت فيذكر أنه غاية كل حي، وأنه السبيل الذي يسلكه كل مخلوق. ويشير إلى إستحالة الخلود. ثم يتعرض لذكر الأصاغر والأكابر الذين ماتوا. ثم ينوه بالخطوب التي تصيب الناس بفقد العظماء. ويتلخص من ذلك إلى القول بأن أجل خطب في عصره هو وفاة فلان. ثم يشرع في التنويه بمناقب الفقيد. فلما رثي السيد مصطفى العروسي أورد الديباجة التي أشرنا إليها ثم تخلص منها بقوله:
وأجل خطب غصت الدنيا به ... في عصرنا فقد العروسي مصطفى
ورثى أحد العلماء فسلك الطريقة عينها وتخلص بقوله:
وأجل خطب ساء أرباب النهى ... فقد أن من تزهو به وتفاخر
وفعل مثل هذا في رثائه لعالم آخر وتخلص بقوله:
وأجل خطب هالنا وأهمنا ... أن غاب عنا ذو الفضائل أحمد
ونهج هذا النهج في رثائه للشيخ علي القوصي، فقال:
وأجل خطب غصت الدنيا به ... موت الإمام السيد القوصي علي
وهو ابن عبد الحق من حاز العلا ... شرفا وعلما وهو أستاذ ولي
فالرثاء عند أبى النصر صورة معادة وتكرار لبعض المعاني في عبارات تكاد تكون متشابهة. وليس في هذه المراثي ما يستحق أن نقف أمامه إذ أنها متكلفة مصطنعة. فكلما