ويعرف (كوليردج) بأنه (قوة اليقينيات الكلية الضرورية، ومصدر وجوهر الحقائق التي هي أسمى من الحس بعد حصولها على الجلاء فيما بينها).
أما (برجسون) ميز بين العقل والغريزة وافترض تشابها بين الغريزة والحدس، هذا الحدس غريزة مفكرة إذ يقول:(إن الحدس يقودنا إلى صميم الحياة نفسها، وأقصد بذلك أن الغريزة وقد أصبحت مفكرة ومنفعلة قادرة على الانعكاس على موضوعه وتوسيعه إلى غير حد)
وبرجسون في معالجة السيكولوجية للجهد العقلي قد فتح باباً جديداً لمعرفة خصائص العقل عن طريق الكشف عن وظائفه.
وثمت مدرسة الأمريكان أصحاب (البرجماترم الذين رفضوا العقل كوسيلة للحقائق، وكأداة للمعرفة، رفض (هربرت سبنسر كل فكرة ليس لها صورة حسية فأنكر الحرية والاختيار كمعان عقلية، وجاء (برس) ورفض كل فكرة غير صالحة للعمل، وما الفكرة عنده إلا مشروع لعمل وليست في ذاتها حقيقة، ثم زاد عليه (وليم جيمس) بأن كل عقيدة تؤدي إلى نتيجة مرضية فهي مقبولة وتوسع في دائرة النتيجة الحسنة فأتخذ من العقل وسيلة للمحافظة على الحياة أولاً، وتنميتها واطرادها ثانياً وإذا بالإنجليزي (شيلر) يتخذ من الإنسانية مقياساً لصحة الفكرة.
هذه لمحة خاطفة طرقنا بها أبواب المدارس الفلسفية، ومنها تبين لنا أن صرخة سقراط لم تذهب مع الريح، بل وجدت أصداءها بين الفلاسفة في شتى العصور، ولكل وجهة هوموليها
أما رجال الدين، فالعقل عندهم وسيلة لمعرفة الله، التي (بالعقل تحصل وبالسمع تجب). وما كان رجال الدين ليرفعوا من قيمة العقل حتى يطغي على الوحي الذي هو مصدر العلم اللدنى. ومعنى العقل بوجه عام هو مجموع الملكات الروحية من فكر وعاطفة وإرادة، ففي القرآن الكريم: العقل والقلب مترادفان، وقد ورد في الإسلام أن العقل حجة الله على عباده، ودل القرآن على أن هذا العقل أمانة عرضها الله سبحانه على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً. هذه الأمانة هي العقل، وكل أمانة لا شك عبء لا يتحملها إلا كل نبيل، وإن كان في تحملها ظلم لنفسه،