نظره - الإنسان جزءاً من المجتمع لا شخصية لها مميزاتها تعيش في المجتمع.
وعلى هذه القاعدة يخالف مونييه ويقاوم الرأسمالية نتيجة الفردية المبالغة ويخالف أيضاً مذهب ماركس. وعلى هذه القاعدة قضى مونييه جل حياته في تفكير عميق واجتهاد متصل محاولاً أن يضع حسب تعبيره أسس مذهب خاص به يوفق بين وجود الإنسان وجوداً شخصياً وحياة نفس هذا الإنسان في مجتمع لا بد له من الامتثال لسننه وقوانينه.
وقد وفق مونييه إلى حد بعيد إذا ما اعتبرنا أنه أولاً نجح في وضع الأصول الكبرى لمذهبه، وثانياً في نشر مذهبه وتكوين أنصار له من الكتاب في فرنسا وخارج فرنسا قادرين على المسير بمذهبه في طريق الاكتمال بفضل مجلة (الفكر).
رسالة إلى ولدي
ها أنت ذا تبلغ العام الأول يا بني: عاماً ككل الأعوام التي تمر من حياة الناس مليئة بالاصطخاب والتنافس والتنازع، طافحة بالشهوات والنزعات والرغبات.
عاماً من أعوام هذا العصر الحاضر المشبع بأوضار المادة والمفعم بسموم النزاع: ومنذ اللحظة الأولى التي تفتحت فيها عيناك على النور ذهل البيت الآمن الوادع: وتغيرت في الحال منه وجهة الطريق، فأنقلب النظام وتغير الجو وتبدلت الغايات.
كان يشق طريقه يا بني في عتمة الأزل لا يهتدي إلى غايته المتوخاة: ويدرج في دروب الحياة لا يرى الساحل الأمان، وينتظم في صفوف القافلة لا يحس نهاية الغاية، حتى أتيته يا بني وولدت فيه وانتظمت في أسرته فإذا به غناء وشعر وطفولة، وإذا به رسالة وجهاد وأبوة
لقد كشفت للبيت السبيل يا بني فهديته إلى غايته في لحظة، وأنرت للبيت الطريق فوجهته في سهولة، وبعثت فيه الحياة والحماس والفتوة فأندفع كالسهم المراش يمضي ويمضي نفاذاً لا يلوى على شيء.
لقد رطبت طفولتك يا ولداه جو البيت فلان بعد قوة، وتلطف بعد تحجر، واستندي بعد يبس: وهذه الطفولة السحرية العجيبة غيرت وجه التاريخ من دون عناء، وبدلت لون الكون من غير تعب، واستبدلت بقلوب الآباء والأمهات قلوباً أخرى تنبض بالحب بعدما كانت تنبض بالدم؛ وتجيش بالعطف بعدما كانت تجيش بالرضى والغضب، وتقبل على