آمن إبراهيم وهو في العراق بفكرة التوحيد، وتبنى اليهود من بعده هذه الفكرة وتعالوا بها على سائر الشعوب التي تحيط بهم وانطووا على أنفسهم فكرهتهم الشعوب واكتوى إبراهيم نفسه بنار هذه الفكرة التي آمن بها فكانت وبالاً عليه واضطر أن يفر من الصحراء إلى فلسطين. كان محبوباً فأعلن كثير من الأقوام أنه جدهم كالأبدوميين، والأموريين، والإسماعيليين. أما اليهود فيبدءون من يعقوب أو إسرائيل الذي اضطرته المجاعة إلى الهجرة إلى مصر، وهناك ابتدأ الاضطهاد الأول في التاريخ لليهود. وهنا نتساءل: أكان الخطأ عند اليهودأمكان عند المصريين؟
واضطر اليهود إلى الهرب من مصر، وقد انضم إليهم من كان من غير اليهود، ولعل موسى من هؤلاء. وقد أضاف إلى عقيدة التوحيد وصايا أخلاقية عشراً لم يتبعها اليهود، بل شاكسوا الأنبياء، وأشركوا بالتوحيد؛ فقدموا القرابين لأرباب آسيا، وعبدوا عشتاروت ويعل ومولوخ والعجل الذهبي، ووضعوا أولادهم في افران مولوخ، وسلموا نساءهم للبغاء المقدس على الروابي والتلال.
لقد رأى موسى أن بقاءهم في تيه صحراء سينا، قد يقوم المعوج من أخلاقهم، ويثير رجولة الشجاعة في نفوسهم، ولكن ذلك البقاء في التيه لم يفلح إلا في إجاعتهم. . . وتسللوا إلى فلسطين أفراداً وجماعات تسللاً بطيئاً، ولم يكن صحيحاً أنهم أخذوها بالقتال لأنها كانت معمورة بجبابرة من الكنعانيين والأشمونيين والجابوسيين، كانوا أصلب منهم مراساً وأقوى عوداً، وأمتن أخلاقاً. . .
وللمرة الأولى في التاريخ أصبحت لهم مدينة، زمن داود وسليمان، ولكن الذي يلفت النظر أنهم لم يستطيعوا الإتيان بعمل فني، فاستعانوا بجيرانهم على بناء الهيكل. وإذا استثنينا المزامير خرج اليهود من حساب التراث الفني خاسرين. . .
واليهود كالنار، تأكل بعضها أن لم تجد شيئاً تأكله وحينما لم يجدوا بينهم شعوباً يدبرون لها الشر، ويبيتون لها المكر، دبروا ذلك لأنفسهم، فانقسموا إلى شماليين في السامرة، وجنوبيين في أورشليم، وقضى سرجون ملك نينوى على الشماليين عام ٧٢٢ ق. م، ونبوخذ نصر على الجنوبيين عام ٥٨٦ ف. م، ونفاهم إلى بابل، وبذلك أزاحت يد التاريخ عن مسرح الدنيا تمثيلية لم يصلح الممثلون لأداء أدوارها، ولم يرتح النظارة لمشاهدتها. ونتساءل مرة