للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثانية: أكان الخطأ عند اليهودأم عند البابليين والآشوريين؟

يبتدئ تاريخ اليهود الحقيقي بسبي بابل، وحينما فتحها كورش الكبير وقضى على أمجادها عام ٥٣٩ أصدر أوامره بإعادة اليهود إلى فلسطين (وهاهو التاريخ يعيد نفسه بنزوح يهود العراق إلى فلسطين عن طريق إيران). لقد رفض عدد كبير منهم العودة رغم مساعدة كورش العظيم لهم، ورغم تبرع الذين لا يريدون العودة بنفقات الراجعين. . . والذي يلفت النظر فيها إن فلسطين لم تتأثر بنفيهم إلى بابل. كانت الحياة فيها هادئة ومزدهرة بعدهم.

وبرجوع اليهود من السبي البابلي تحققت نبوءة دانيال. وهذه النبوءة لا تعني رجوع اليهود مرة أخرى، لأنه لم يبعث إليهم نبي بعد أن شتتهم تيطوس في السنة السبعين من الميلاد.

عاد اليهود إلى فلسطين من العراق فابتدأت المتاعب لهم ولجيرانهم وللرومانيين. لقد عاشوا عيشة الضنك والفساد والشغب والفوضى، ورأت روما وهي سيدة الدنيا وجبارة التاريخ أن نضع حدا لهذا العبث والاستهتار فدلف إليهم تيطوس بجيوشه وشتتهم في العام السبعين من ميلاد المسيح. وهنا نتساءل مرة ثالثة: لقد قضت روما على قرطاجنة لأنها كانت تهدد حياتها، أما اليهود - اليهود المستضعفون - فلماذا قضت عليهم روما؟ وكان الخطأ عند اليهود أم عند الرومان؟

ظهر المسيح يبشر بكلمة الله فضيع اليهود الفرصة الذهبية التي أتاحها لهم القديس بولس في الطمأنينة ونشر عقيدة إبراهيم وشريعة موسى، وتعاليم يسوع السامية بين الشعوب بدلاً من وقفها عليهم. ضيع اليهود هذه الفرصة بدافع من تعصبهم الضيق المغرور، وكبريائهم العنصري.

وهكذا تم الفراق والتباعد بين اليهودية والمسيحية، ونشأ الكره بين الطائفتين لأن اللهلم يخلق العالم ليجعل منه عبيداً لأبناء يعقوب. وبنبذهم النصرانية عاشوا منبوذين مكروهين في العالم، واضطروا النصارى إلى مقابلتهم بالاضطهاد والعذاب بدلاً من إظهار العرفان بالجميل. . .

في هذه الفترة من الاضطهاد اضطر اليهود إلى العيش مجتمعين فنفروا من الزراعة وحرموا من الوظائف العامة والجيش، وانصرفوا بكليتهم إلى التجارة والربا الذي يحرمه دينهم عليهم، فجمعوا المال وكدسوه غير ملتفتين إلى ما يحيق بهم من عذاب واضطهاد.

<<  <  ج:
ص:  >  >>