بالصيغة الأدبية. وقد كان من سوء الحظ أن يخلف عبد القاهر أولئك المؤلفون الذين خففوا البلاغة فتبخر منها ماء الأدب، فلو كانوا من ذوي الملكة الأدبية لنقوها وصقلوها وجعلوها نقداً أدبياً صرفاً ونحن الآننلف لفة طويلة لنصل إلى هذا الغرض الذي لم نبلغه بعد إذ أننا الآن عند عبد القاهر فقط!! كأننا نريد أن نثبت أن البلاغة كروية. . ينتهي المسير فيها إلى حيث نقطة البدء. . .
سيقول أذكياء يدركون من ذلك ما أرمي إليه: إذن فأنت تدعو إلى نبذ علوم البلاغة جملة واحدة. أقول: ولم لا مادمنا نهدف إلى الملكة اللغوية الأدبية التي نقتدر بها على الكتابة والقراءة والنطق بلسان عربي أدبي جميل؟ انظروا إلى المعاصرين من كتابنا (البلغاء) الذين لم يشغلوا أنفسهم بتلك العلوم فمنهم من مر بها ومنهم من لم يكن سيره عن طريقها - كم من أولئك الذين عكفوا على دراسة علوم البلاغة وعنوا بعض الخلافات والمنازعات بين الخطيب والسكاكي والجرجاني - يستطيع أن يجاري كتابنا في (بلاغتهم) التي تكون هذا الأدب العربي الحديث؟
أقول ذلك ما دامت الوجهة هي الملكة اللغوية الأدبية، أما دراسة التاريخ والوقوف على تطورات الحركات العقلية فشيء آخر، ولكن يجب الالتفات إلى أن هذه الدراسة لا تتطلب الانصراف الكلي إلى الجزئيات والتفيصلات، وهي وإن كانت ملامحها العامة مطلوبة في المعاهد العالية إلا أنها في المدارس العامة عبث أي عبث.
يوسف وهبي والفرقة المصرية
قامت في الأسابيع الأخيرة. ولا تزال، ضجة حول استقالة الأستاذ يوسف وهبي بك من الفرقة المصرية، تلك الاستقالة التي أريد عليها، إذ أبلغه أولو الأمر رغبتهم فيها. وقد تكاثفت في جو هذه الضجة عجاجات أثارتها الحملات المتبادلة في الصحف والمجلات بين الأستاذين زكي طليمات ويوسف وهبي. وليس عجيباً أن يختصم هذان الأستاذان، وإنما العجب أن يتفقا وأن تجمعهما فرقة واحدة، فكل منهما في الفن المسرحي مذهب وأسلوب يختلفان عن مذهب الآخر وأسلوبه؛ فهما ضدان من الهدوء والصخب، والتحليل والتهويش، والخاصية والعامية؛ وهل يجتمع الضدان؟
وقد تعرض بعض الصحف للأسباب التي دعت إلى إخراج يوسف وهبي من الفرقة