يقول في المقدمة (كل ما أرجو هو أن أكون قريبا من جوهر الفن. من حقيقة الفكر. . وعندئذ تهون كل قرابين الحياة) ورغم أننا لا نستطيع أن ننفي أن الأدب فيه جانب فكري فإن المؤلف لا يفكر أن القصة موضوعها الحياة، والحياة أرحب من أن تضغطها فكرة.
وندع هذا كله لتنتقل إلى مضمون القصص نفسه، ومعظمه يدور حول اليأس والانتحار والموت: فهذه (رسالة المنتحرة) و (رأيت بعد موتي) و (ليتني ما كنت) و (الموتى يتحكمون في الأحياء) الخ. . . وهذا تشاؤم أملاه التزامه لجانب الفكر وطلبه لأعماق المجتمع الذي تتحرك فيه شخصياته. ومن هنا تراه يهتم بالواقع النفسي لهذا المجتمع ليصور من خلاله واقع الناس. وعالم الأعماق مهما كان الكاتب موضوعياً في تصويره فإنه لا يستطيع إلا أن يقدم نماذج من الشخصيات القريبة إلى نفسه، ولا يستطيع إلا أن يلونها بألوان هذه النفس. ولكن المؤلف استطاع أن يخرج مع كل ذلك بأن ابتعد عن الرموز والغوامض التي تهوم في عالم الأعماق السحيق.
ويأتي بعد ذلك الأسلوب وهو أسلوب مشرق يغلب فيه ضمير المتكلم بحكم أن عالم الأعماق لغته الأنا ولا بدمعه من تقديم المونولوج الداخلي الذي تمتلئ به نفوس الشخصيات وتجد ألا مندوحة لها عن الإفضاء إلينا به. وهنا نجد المؤلف يصل إلى القمة التي يهدف إليها من تقديم هذا اللون النفسي من القصص.
وعبد الرحمن الخميسي الذي لم يقفز إلى عالم القصة طفرة كما قفز سواه - بل دخله دخولاً طبيعياً: بعد أن عالج الشعر وأعاد صياغة بعض قصص ألف ليلة، قد حقق بهذه المجموعة القصة الفنية كأحسن ما تكون القصة في المادة والشكل.
يوسف الحطاب
دنيا الناس
تأليف الأستاذ نقولا يوسف
للأستاذ منصور جاب الله
حرص الأستاذ نقولا يوسف أن يثبت في ذيل كتابه (دنيا الناس) هذه العبارة التي نوردها بنصها وهي: (مل ما ورد في هذا الكتاب من أسماء الأماكن والأشخاص خيالي ولا يصف