شخصية معينة بالذات. فنرجو المعذرة إذا وقع تشابه غير مقصود بين الأسماء أو الصفات أو الحوادث).
وكان لا بد من هذه اللفتة من المؤلف، فقد جاء في المقدمة التي وضعها الأستاذ محمود تيمور بك لهذا الكتاب قوله (لا نرى صاحبنا - أي المؤلف - في كتابه هذا يتابع لنا مناجياته العاطفية التي ألفناها من قبل في شعره المنثور. . . فقد نزل إلى الشارع، وخالط خلق الله، وعاد إلينا في (دنيا الناس) يسجل استجابته النفسية لما رأى وما سمع، فتجلت مهارته في التقاط الصور، وانتزاع المشاهد، والتفطن إلى المواطن الاجتماعية التي تلين للغمز واللمز.
فالطابع الواقعي هو الذي يغلب على أقاصيص دنيا الناس، بل هو الذي يرين عليها جميعاً، من قصته (شوكت المثال) إلى قصة (الباشا الأديب) وحسنا فعل الأستاذ نقولا يوسف بتوجيهه ذهن القارئ إلى أن الأسماء والأماكن كلها خيالية، وإلا لتركه في تيه يخبط خبط عشواء وهو يبحث عن الأستاذ بهلول الأديب (النائب) أو عنبر أفندي الذي أفنى حياته في التدريس أو الأستاذ رمزي الشعرور!
وأكبر الظن أن الذي أعان الأستاذ نقولا يوسف على النجاح في أقاصيصه أمران: فهو مدرس استطاع أن يخالط شكولاً من الناس وأنماطاً من الخلائق، أما الأمر الآخر فإنه تنقل بين طائفة من الأقاليم في مصر، فقد ولد في دمياط ودرج في المنصورة ثم دلف إلى الصعيد الأعلى والقاهرة، وأخيراً استقر به النوى في الإسكندرية. فهذه الرحلات المتقاربة صقلت مواهبه، وبصرته بالطبائع وعرفته غرائز الناس ومواطن القوة والضعف فيهم.
فالمؤلف حين يصف جلسة تحضير الأرواح في منزل (الأستاذ الدقدوسي) يتكلم عن علم ويشرح مشاهد رآها بنفسه، وكذلك حين يصف (بابا خميس) إنما يصف رجالاً نعرفهم بذواتهم، يجمعون المال في مصر ثم ينفقونه على نزواتهم في أوربا.
ولم يوفق الأستاذ المؤلف في سبك القصص فحسب وإنما تجلت براعته في الأسماء التي يضفيها على أبطاله إذ يتحدث عن (حسين الكشكي) السباك و (عبد النبي البحرة) الحلاق صاحب (صالون البرنسات) و (فجلة)، (مكوحي الفنون الجميلة) وغير ذلك من الأسماء المتداولة في الأحياء ذات الطابع (البلدي). . .