فلو كان الزمان يصاغ جسما ... لكنت أذيقه كأس المنون
وقال الشيخ يحيى المروزي العمادي العراقي:
على ثياب لو يباع جميعها ... بفلس لكان الفلس منهن أكثرا
وفيهن نفس لو تباع بمثلها ... نفوس الورى كانت أعز وأكبر
ومن ذلك قول الحاج عمر الأنسي البيروتي المولود سنة ١٨٢٢ في وصف ثقيل اشتكى من كثرة الذنوب:
شكا ثقل الذنوب لنا ثقيل ... فقلت له استمع لبديع قيلى
ثلاث بالتناسب فيك خصت ... فلم توجد بغيرك من مثيل
ذنوبك مثل روحك ضمن جسم ... ثقيل في ثقيل في ثقيل
ولعلك تدرك شيئا من ضعف الأسلوب في هذه الأبيات.
وفي الأبيات التي سنعرضها عليك فيما يلي، خفة روح، وتصوير فكه وهي لنيقولا الترك يتحدث عن سرواله وعمامته.
وسروال شكا عتقا وأمسى ... يراودني العتاق فما عتقت
وكم قد قال لي: بالله قلني ... وهبني وكنت عبدا وانطلقت
أما تدري بأني صرت هرما ... وزاد علي أني قد فتقت
فدعني حيث قل النفع مني ... وعاد من المحال ولو رتقت
ولا تعبأ بتقليبي لأني ... بممر أبيك نوح قد لحقت
ولم يبرح يجدد كل يوم ... على النعي حتى قد قلقت
وقلت له: عتقت اليوم مني ... لأني في سواك قد اعتلقت
فأشعرت العمامة في مقالي ... له فاستحسنت ما قد نطقت
فراحت وهي تشدو فوق رأسي ... لي البشرى إذا وأنا عتقت
نعم في هذه الأبيات مرح وإحساس، ولكن فيها بجانب ذلك
عسراً في القافية، واضطراباً في الأسلوب؛ لأن الصياغة لم
تسلس بعد للشاعر، ولم يمرن على الأسلوب السهل الرصين.