للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أن الدكتور بنى كلامه على تصريح (الملك الهاشمي) القائل: إن المصريين قوم أفريقيون، فهم لا يفهمون العرب، وليسوا أهلاً لتزعم العرب. ولكن الملك الهاشمي إذ يقول ذلك يعزب عن باله مفهوم القومية العربية الحديثة، وهو الوحدة المبنية على اللغة الواحدة والثقافة الواحدة المستندة إلى التاريخ الواحد. والعربي الحديث ليس هو فقط الذي يستطيع أن يثبت نسبه إلى إحدى القبائل العربية، وإنما هو الذي يتكلم العربية ويشارك قومه العرب في كل أمة عربية مشاعرهم ويرتبط بروابطهم، والمثل الذي أتى به الدكتور زكي بك، وهو الولايات المتحدة الأمريكية التي تكونت من أمم مختلفة الأصول، ذلك المثل الذي ضيقه بالتطبيق على مصر التي تكونت من عناصر مختلفة، ينطبق في اتساعه وحجمه على قد الأمة العربية التي يرجى أن تتكون من أمم مختلفة الأصول، والبيئات (الجغرافية والإنسانية والثقافة والتاريخية الزمانية) تعطيها الوحدة والتماسك، إلى جانب عامل الوراثة الذي يتمثل في اللغة والثقافة، ولا أقول في الدم والعصب، فالقومية العربية تتوافر لها البيئة والوراثة جميعا؛ وقد نفى الدكتور صلة المصريين بقدمائهم، وهذا حق لأن حاضرنا في كل النواحي بعيد عن ذلك الماضي كل البعد، وإن كنا أحيانا نتكلف الاتصال به مجاراة للغربيين الذين يصرون على تمجيد قدمائنا الفراعنة، لأنهم لا يحبون كلمتي (العروبة والإسلام) ولم يتعرض الدكتور بشيء من هذا القبيل بالنسبة لصلتنا بالعرب وما كان ينبغي له أن يفعل، لأن الدكتور زكي نفسه بلغته التي كتب بها المقال وأسلوبه الأدبي العربي، حقيقة ماثلة شاهدة على تلك الصلة الخالدة. .

ولو لم يكن عنوان مقال الدكتور أحمد زكي بك (ما العرب وما الفراعنة، إنما نحن قوم مصريون) لصلح المقال لتأييد القومية العربية ودخول المصريين فيها. وذلك بتعديل يسير في بعض الأجزاء مثل إبدال (العرب) بكلمة (مصر) في الخلاصة التي انتهى إليها، فالعرب أمة بالذي فيها اليوم من أهل الخ، فعناصر الخلاصة كلها تنطبق على العرب بما فيها من (رغبة أهلها في أن يكونوا أمة واحدة ويداً واحدة على الخير وعلى الشر) وأبرز هذه الفقرة بالذات لأقول إن هذه الرغبة موجودة يستطيع رؤيتها من ينفذ بصره إلى الحقيقة خلال غبار الأحداث الأخيرة، الذي أثاره (حكام) بحوافر مطامعهم ورغباتهم الشخصية.

العواذل:

<<  <  ج:
ص:  >  >>