- نعم. . لقد فعلتها وأنا لست بنادم ولا خزيان. . نعم لقد فعلتها بكل إرادتي. . فإنني لا أحبها، ولا أشعر بميل نحوها بل أنا أمقتها كما أمقت الشيطان!.
وساد الصمت، وكلانا لا يعرف ما يقول. . كأن السكينة ألفت إسارها علينا. . ومشينا على الشاطئ. . ونحن مطرقان. . قلت:
- ولكنها زوجتك. . أم أولادك. . إن ضميري ليعذبني!!
- وليكن. . فأنا لا أقبل منطق الحياة الأعوج، فأنا أكره زوجتي أشد الكره
- ليتني ما عرفتك!!
- أتريدين الحق؟! إنني يئست من حياتي لولاك. . ومن يدري!. لولاك لفارقت لا حياة منذ زمن بعيد!.
يالك من امرأة غريبة كالجباة، غامضة كالموت. إنني لم أشعر بالإهانة والضعة مثل شعوري بهما في تلك اللحظة. . لقد حملتني الجريمة وحدي، وهربت أنت لائذة بالعفة والطهارة. . وليس هناك جريمة في الوجود يشترك فيها شخص واحد. . حتى السارق في جنح الظلام يشترك معه المجتمع في سرقته!.
قلت لك: - لا تثيري الماضي. . فالذي تلفه الأكفان لا تستقر فيه الحياة مرة أخرى. إنني ضحيت بكل شيء من أجلك. . أنت يا صورة أحلامي ولحن هواي. ضحيت بامرأتي وهي مخلوقة يائسة ضعيفة. . وضحيت بأولادي وهم محتاجون إلى من يأخذ بأيديهم. . . وضحيت بكل شيء من لأجلك. . فقد ضقت ذرعاً بحياتي الرتيبة، ودنياي الكثيرة الأوحال. . لقد ضقت ذرعاً بهذا الواقع المليء بالمتناقضات. . هذا العمر الذي يذبل بذلة. . واشتقت إلى عالم ثان اكثر بهجة وأنظر وجهاً. . وأنت جناحي الذي أحلق به في الأجزاء السامقة وارتفع به عما ينخر في جسمي ويستبد في فؤادي. . فتعالي معي ولا تثيري شجني لنتسلق هذا التل لعله يقضي بنا إلى العالم الجديد!.
وعندما تسلقنا المرتفع لنبلغ المدينة كنت تستندين إلى ذراعي وقد أيقضت حرارتك في روحي نشوة نائمة، وخيل إلي أن هذا الطريق طويل. . وهو طريق حياتنا. . وأنا أساعدك على السير فتغلبني العزة برجولتي، وأستجيب إلى دواعي نفسي، وأنصت إلى ذلك الإيقاع الروحي. . . إلى صوت قلبينا!. ونزلنا من الجهة الثانية ونحن صامتان. . . وبدت لنا