أيمكن أن ندخل هذه المدينة؟! إن الناس سيعرفوننا، وسيقولون هذا رجل لا ضمير له، فقد ترك زوجته ليعيش حياة مخجلة. . وتلك فتاة لا حياء لها فقد هربت مع رجل متزوج!. أما نحن فنصمت أمام تلك الأقوال الجائرة. . لأننا لا نملك القوة على مجابهة المجتمع والحرية في التعبير عن عواطفنا. . غير أننا يجب أن نصرخ في وجوه هؤلاء: إن الحياة أرفع من أن تعاش مع الملل، وأسمى من أن تذبل في صمت. . الحياة سر مقدس لا يكون في الأوحال، ولا أن ترهق تحت أعباء من أوضارنا. .
أنا رجل شقي يعرش حياتي الملل، ويستبد بي ضجر عميق. إن عيني ترى دائماً أشباح السآمة، وطيوف الضيق المهيمن على روحي. . فماذا لو حاولت أن أمسح عن روحي الملل، وأنقذ حياتي من دنيا الطيوف والأشباح؟!. . ماذا لو هربت بذلك السر المقدس إلى ملكوت من الصفاء والحرية؟! ماذا لو صرخت في عنصر الفناء صرخة الجريح المستغيث؟!.
غير أن الناس جروا على عادة سخيفة كأنهم شعروا بتفاهة أنفسهم فحاولوا أن يقنعوا أنفسهم بأن الحياة تافهة لا تستحق أية تضحية، ولا تستأهل أي أقدام!.
وأخيراً دخلنا المدينة، فراحت عيون الناس تلتهمنا، وتصعد فينا، كمجرمين هرباً من السجن، وعليهما شارته، وفي سيمائهما بريق الذل، وفي نظراتهما افتقار النفس إلى عزة!.
وقد تحيرنا إلى أين نذهب؟. . ونحن لا نملك الوقود الذي نحرقه قرباناً للمجتمع!. .
لقد حاولنا أن نعيش، وأن نتكئ على العاطفة التي أسرتنا، وأن نجعل الحب نبراساً يضيء لنا الطريق. . لقد حاولنا أن نعيش في أجوائنا السامقة دهراً، وأن ننسى الماضي والناس جميعاً، وأن نتغذى بالعاطفة المضطربة، ونسترشد بالإحساس المشترك، ونقيس الأشياء بمقاييسنا نحن. . تلك المقاييس التي صغناها من رحيق نفوسنا. . غير أن الهوة كانت سحيقة ظلت تصرخ فينا: مجرمون. مجرمون!.
وحاولت أن نتشبث بأسباب الحب. . غير أن حبل الحب قد رث ولم تبق أمامنا إلى حياة مظلمة. . وإذا الحب عملة زائفة في سوق المراوغة والخداع!.
ونحن - دائماً - نركض وراء الحب. ذلك المعبود الوهمي. . حتى يضنينا التعب، وينال